سلطات دولة القانون

كل عام وانتم بكل الخير هذا آخر مقال قبل شهر رمضان المعظم أعاده الله على سائر بلاد المسلمين بالخير واليمن والبركات بصراحة كنت أحضر لمقدمة أخرى غير أن سلطات دولة القانون -بفتح السين- ذكرتني فجأة أنني ربما أكون مشغولا بالسحور في الجمعة المقبلة فأنسى أن أهنأكم * * * * * طوال اسبوع حافل بالأحداث الساخنة وأنا أفكر في صيغة لمقالي هذا كلما حدث شئ شعرت وكأنني كالحانوتي الذي يسعده سقوط الضحايا لأنه ببساطة هايسترزق إحساس سيئ فعلا لكن الأسوء أن ينتهي الاسبوع فلا أجد ما أكتب عنه كانت الأحداث تتوالى وتتطور بسرعة غريبة حتى أنني مزقت خمسة أو ستة مقالات لأنها صارت بلا معنى فكرت أن أكتب مقالين في نفس المقال يعبران عن وجهتي نظر مختلفتين لأني كنت لفترة غير قصيرة لا أعرف أين الصواب لكني عدلت عن ذلك بعد ما رسيت على بر وحتى لا أتهم بالإزدواجية فكرت في أن أكتب المقال على طريقة الراحل جلال عامر لأن الوضع أصبح يحمل من السخرية مايضاهي في حد ذاته أسلوب أكبر الكتاب الساخرين أعتقد أنه كان سيكتب مقال فيه من السخرية ما يبكينا على حالنا وفكرت أيضا أن أكتب مقالا حادا أنتقد فيه بكل قسوة كل مافقع مرارتي في الأسبوع المنصرم إلا أنني أخترت أن أجمع بين كل هؤلاء * * * * * لدينا ثلاث مشاهد رئيسية المشهد الأول إعلان د .مرسي فجأة عن عودة مجلس الشعب المنتخب لأداء وظيفته وممارسة سلطته التشريعية وبسرعة البرق دعا السيد رئيس مجلس الشعب مجلسه للإنعقاد فورا حد فهم حاجة المشهد الثاني انقسم الرأي العام بين مؤيد ومعارض وظهر لنا كالعادة خبراء قانونيون كل منهم يفتي حسب توجه سيادته الفكري والسياسي وكل فتوى غير أختها حاجة تجنن فعلا حد فاهم حاجة المشهد الثالث اسرع حكم محكمة دستورية في التاريخ بوقف قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب حد فهم حاجة برضه * * * * * قال الراحل جلال عامر ذات مرة في مصر لابد أن تكون بطئ الفهم حتى لا يصورك الرادار هو كان يقصد إستخدام بطء الفهم كسلاح أخير للمخ أمام الأحداث الغريبة حتى لا يجن لكن قليل من بطء الفهم جعل الصورة تكتمل السيد الرئيس قرر عودة البرلمان المنتخب وهو يعلم أن الدنيا ستنقلب رأسا على عقب السيد رئيس مجلس الشعب دعا المجلس للإنعقاد ولو نصف ساعة لإثبات حالة وإسترداد سلطة التشريع أحال الحكم لمحكمة النقض ثم علق الجلسات الإعلان المكمل لم يذكر أن هناك مجلس شعب ولم يكن في حسبانه تلك الخطوة ولم يذكر أي شئ بشأنه ما حدث أن أوقفت المحكمة الدستورية قرار الرئيس عادت سلطة التشريع ل . . . . تفتكروا لمين لأ مش للمجلس العسكري تاني للسيد الرئيس إنتهت المناورة أعلن السيد الرئيس أنه يحترم أحكام القضاء ثم ذهب في جولة خارجية وكأن شيئا لم يكن في مقال الأسبوع الماضي ذكرت أن حالة الهدوء بين المجلس والرئيس ليست طبيعية وتشعرني بقلق ماحدث هذا الأسبوع هو تأكيد لحالة القلق في الصباح يتقابلون في حفل تخرج أحد الكليات الحربية يتصافحون ويأدون التحية العسكرية عند الظهيرة تراشق بالبيانات في المساء ينام كل منهم قرير العين ويتركونا في وجع دماغ ما أثار حنقي حقا هو حالة الهرجلة الإعلامية كنت أظن أن القوانين كلام مكتوب في الكتب ذات معنى قاطع لا يحتمل التأويل لكني إكتشفت أن كل فقيه دستوري له تفسير وأسانيد لتبرير اي قرار حسب أهواءه الشخصية أو حسب ميوله يقول علماء الأحياء كقاعدة أن الحشرات ينقسم جسمها بوضوح الى رأس وصدر وبطن وتتميز بأن لها ستة أرجل وعلى هذا فالعنكبوت ليس حشرة أي ربة منزل ترى هذا كلام فارغ لا يشكل لها أي فارق لأنها تعتبر العنكبوت حشرة سيئة التربية على نفس المنوال كل مواطن بسيط جالس في بيته فاتح التليفزيون لا يهمه كل الشروحات القانونية المتناقضة التي يتحفه بها السادة الأفاضل ضيوف البرامج التي أتى بهم كل مذيع ليقولوا للناس بالضبط ما أراد أن يقوله هو المواطن العادي يهمه أن يجد رغيف عيش صبيحة اليوم التالي ولا يعلم مدى تأثير دستورية القوانين من عدمه على جودة رغيف العيش أعتقد أن جلال عامر كان سيقول لو وجدت السيد المستشار يتحدث عن الفصل بين السلطات -بضم السين - فهذا تصريح ضمني بوجود سلطات -بفتح السين- فأحضر معك رغيفين عيش لأنه سيكون هناك الكثير من سلطة الطحينة وسلطة البابا غنوج دمتم في حفظ الله . . . أحمد حلمي البحيرة 13/6/2012

0 التعليقات:

إرسال تعليق