تبا لكم كيف تنامون

** اعرف عن نفسي الكثير , انا الجندي الذي تلقى رصاصة في معدته ويشاهد احتضاره حصريا دقيقة بدقيقة بلا اعلانات , انا فتات انسان يتظاهر انه على قيد الحياة وهو ليس كذلك , انا الذي يتنفس ويأكل وينام بقوة الدفع , انا ساعة بدون عقرب , انا يونس في بطن حوت كافر لن يلفظني عند اي جزيرة , انا الطعام بدون ملح , انا الذي ينتظر لحظة الاظلام الاخيرة في مسرحية مملة من تسعين فصلا; لحظة نزول الستارة الحمراء .. بلا تصفيق . ............. هذا ليس أنا تحديدا , هذا أحمد مراد يتحدث على لسان بطل روايته " الفيل الازرق " , البطل الذي يعيش حياة لامعنى لها ولا يجد لها لزوما ولا داعي للمقاومة , مقاومة الرغبة في الوجود , لأنه ببساطة لا رغبة من اي نوع . بشرى سارة , انا قريب جدا من شئ ما كهذا , انا اتسرسب ببطء شديد من بين اصابعي ولا اجد وسيلة لمنع ذلك , ربما هي هناك في مكان ما لكني لم اجدها بعد , جربت السفر , العودة , الخروج , الصحبة , السهر , النوم , مشاهدة مباريات الاهلي , قراءة روايات قديمة وجديدة , وحتى كتابة المقالات وتلقي تعليقات الاشادة , كل شئ فقد طعمه او فقد جزء من طعمه . الاحساس الاصعب عندما ترى الحفرة شديدة العمق والاتساع من بعيد وتنادي بأعلى صوتك احذروا ياقوم فهنالك حفرة فلا يخرج صوتك ليسمع اذنيك , لسبب بسيط ان صوتك تم تكميمه بقوة ما لا تعرف كنهها , هذه ليست مقدمة ياعمر هذا صلب المقال , انا ارى الخطوة بعد القادمة التي ستؤدي اليها الخطوة القادمة لكني غير قادر على منع الخطوة الحالية , لذا انا اشعر بالغبن والخداع والالم , من الآخر وان كنت لا تفهم مقصدي فإنه كقاعدة - اصبر لما احطهالك بين قوسين عشان تشوفها كويس - ( كل شئ لا تفهمه في مصر هو في الاغلب ليس في صالحك ) تفسير لأنه لا احد يعمل لصالحك , يوما ما بعد خمس سنوات او عشرة او كيفما يطول بك العمر ستكتشف ان ما تعترض عليه يومها لا يمكن تعديله وما باليد حيلة - هكذا سيقول السيد المسؤول- لأن هذا قانون أُقر منذ القدم او تم تمريره , وعندها لن تنفع ياليتني , او ياليتنا , وقتها ستتحدث بصيغة ياليتهم وتجمع حاجياتك وترحل على اول طائرة لأي مكان ولو حتى لموزمبيق . عرفتوا انا مخنوق ليه ؟ ******************** الكاتمين الصوت بين شعوبهم مثل الزراف أكتب لكم عشية الخلوة الانتخابية غير المقدسة - وهكذا افتى بعضهم بالمناسبة - وهذه هي المرة الثانية التي استخدم فيها هذا التعبير للأسف لكن الامر في الحالتين بلغ من العبث ما يجعل التعامل معه بواقعية هو السخف بعينه , الامر مجردا ان كل ناخب مقدس سيذهب الى المجمع الغير مقدس ويختلي بورقة غير مقدسة ليغتصب حقا مقدسا ويلقي الورقة بعدها في صندوق غير مقدس ليتصاعد في سماء المدينة دخانا بلون الايام القادمة - والذي لن احدده من باب بشروا - المح احدهم وقد رفع حاجب الامتعاض وهم بترك المقال , مع الف سلامة , المهم , سألني صديق مازحا ما الفرق بينك وبين الزرافة ؟ ولما كنت انا بتاع فيزيا وماليش فعلم الحيوان فلم اجب , فأضاف هو ان الزرافة ليس لها صوت بينما انت لك , هذا كان قبل ان يقول السيد الرئيس ان انا وأمثالي - عدم اللامؤاخذة - لا يوجد اي فارق بيننا وبين اي زرافة تحترم نفسها . انا ماليش صوت , هذه هي الحقيقة , كل مواطن مصري يعيش في السعودية , البحرين , الكويت , ايطاليا , اسبانيا , البرتغال , جزر القمر , المالديف , بورتريكو - لو كان هناك مصريين - فإنهم يتمتعون بكامل حقوقهم السياسية متمثلة في الادلاء بأصواتهم , وهذه من مكتسبات الثورة التي بُحت اصواتنا واصواتهم حتي يحصلوا على هذا الحق , بينما المواطن المصري الذي يعيش في مصر بعيدا عن موطنه الانتخابي نزعته الثورة حقه في الادلاء بصوته بدون اي منطق يُذكر , واصبحت ناقصا للأهلية وفاقدا لحقوقي السياسية لمجرد انني ابعد عن دائرتي خمسمائة كيلو متر , بينما المواطن ذو الشعر المنكوش الذي اكسبته الثورة فستان زفاف عاري الكتفين وكفى به مكسب فهو قد سجل حضوره في التأسيسية بالانسحاب معتبرا ذلك موقفا وطنيا كما ذكر سيادته بعد الموافقة على مايخصه من مواد وينام الآن قرير العين ولعنة الله على امثالي , لقد تم بيعنا من الجميع صدقوني . يوما سنقرأ في الجريدة يا بلادي اننا كنا زراف ******************** المهم ان تبدو في مصر لا يهم ان تفعل اي شئ ذا قيمة , ما يهم ان تبدو للناس انك تفعل شيئا ذا قيمة , ولا تفعل الخير لترميه في البحر الا إن كان احدهم سيراك وانت تفعل ذلك عندها سيخبر الآخرين انك لاتفعل الخير وفقط بل وترميه في البحر ايضا , حبذا لو كانت تلك العملية مذاعة تليفزيونيا على الهواء , مائة عضو في اجتماعات مطولة لمدة ستة اشهر لوضع احد المكتسبات العظيمة للثورة تخلل الامر مشادات وشد وجذب وانسحابات وبدلات ونظرات توحي بالعمق والاهمية واحاديث مطمئنة وغير مطمئنة توحي بالخطورة حتى لتشعر انهم يكتبون دستور مثلا - لا سمح الله فما خرج لا علاقة له بالدساتير - ثم ليخرج لنا هذا الكائن المطاطي المشوه الذي يدعوا للسخرية والامتعاض , انا لا اصدق , هناك مواد لا تصدق انها مكتوبة بالفعل في دستور دولة حرة ذات ارادة تسعى نحو الافضل - والله ولا تسعى ولا حتى تمانية - هناك مواد تشعر ان كاتبها كان ينتقم من شخص ما ففصل له مادة بعد انتهاء الاجتماعات , لوحة يوم الدينونة لمايكل انجلو رسم فيها احد اعداؤه ينتظر دوره ليتعذب في النار بين الخاطئين , انه ذات المنطق , هناك مواد وضعت فقط لفقع المرارة , وكأنها لاتزال سليمة , بعد قراءة الدستور كاملا والضحك المؤلم على ما جاء فيه باغتني سؤال بديهي , لماذا يفعلوا بنا هذا الجرم الشنيع ؟ لماذا الاصرار عليه بتلك الصورة الملحة ؟ لماذا تحويل المعركة الى شريعة ولا شريعة للتغطية على نقاط الاعتراض الحقيقية ؟ لماذا تتغير المواقف وتتبدل الحقائق مع ثبات الوجوه بتلك الصفاقة ؟ لماذا تسفه من قولي وكأنك احتكرت الحقيقة ؟ لماذا تظن انك احتكرت الحقيقة ؟ ألف لماذا قد تقودك للجنون . الخلاصة لقد تم بيعنا بلا ثمن . الف مبروك ******************* كيف تنام بالله عليك اخبرني بالله عليك , كيف تنام بعد تبرير القرار وعكسه , كيف تعيش في تلك المهزلة , كيف ترفض شيئا ما يوما ما ثم تبادر بتأييده لأي سبب كان في يوم آخر , كيف تصدق نفسك , حدثني عن سقف حجرة نومك الا يعكس هواجسك فترى فيه واقعك المتناقض كل ليلة كفيلم تسجيلي قصير يمنعك النوم , كيف تشعر بالسلام النفسي وانت تقلب الحقائق بهذه الطريقة فيصير القاتل قتيلا , قل لي بالله عليك ما هو نوع الدواء الذي تتناوله لتردد شيئا ما لا تقتنع به , لماذا تحدثني وانت تنظر في الارض لماذا لا تنظر في عيني ودعني اقرأ الكذب الذي لن تستطيع اخفاؤه خلف هذه الكلمات التي ترسبت في عقلك الباطن بالتكرار ظنا منك ان تكرارك لها سيقنع من حولك , مايثير جنوني انهم انتقلوا من مرحلة التزييف الى مرحلة تصديق التزييف فصارت هذه حقائق فعلا وصاروا يشعرون بالالفة معها . مستقبلا ستقترن لفظة تبرير بلفظة كذب وما كان ابعدهما حتى وقت قريب سامحكم الله . ****************** لم انسى .... ولو ان بعضكم تناسى لن اتهمكم بالنسيان كما رماني البعض مسبقا , لكن تتابع الاحداث بتلك الطريقة قد يُنسي المرأ جنسية والدته ويدفعه للقيام بأشياء غير مبررة وغير ذات معنى , لكني عندما رأيت ذلك الشئ المتدلي من سقف محطة رمسيس فكرت في الاموال التي انفقتها الدولة عليه وذهب عقلي لحظيا للعامل الذي أُتُهم بالتسبب في قتل خمسين طفلا ثم اتضح انه لا يملك وسيلة تنبيه بقدوم قطارات وانه يغلق المزلقان بوحي من الله او بإتصال على هاتفه المحمول , وان القطارات تمر دون حوادث فقط بتوفيق من الله ورضوانه على العابرين , تكلفة تجديد الصالة الرئيسية بمحطة رمسيس تكفي لإصلاح كل مزلقانات المحروسة وتفعيل نظام للإنذار المبكر بقدوم القطار , بلاش وزارة النقل خالص , ما يصرف من مبالغ طائلة سنويا لتجميل مدينة اسيوط يكفي لبناء مدارس لكل قراها المحرومة فلن يخرج اطفالها في رحلة تمتد لعشرات الكيلو مترات كل صباح طلبا للعلم . القليل من العدالة , القليل من الرحمة , القليل من الاحترام لآدميتهم المهدرة اصلا . ****************** المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس ملزما لأحد بالمناسبة , دمتم في حفظ الله . . . . أحمد حلمي أسيوط 14/12/2012

0 التعليقات:

إرسال تعليق