التهبيل في فنون التعديل



بعد أسابيع من الأحزان أعود إليكم مرغما ,
لنقل أنني مُستفَزا ,
يبدو أن لدي مهنة أخرى تكرهني هنا , لكني أصر كذلك على ممارستها بعنف , هذا قدري وبالتالي قدركم ,
الحقيقة أنني اكتشفت أنني عندما تسوء حالتي النفسية فإن كتاباتي تصير خطرا على الآخرين ,
قبل أن أغادر المقدمة الدرامية هذه اوجه جزيل الشكر لكل من آزرني ولو بعبارة " رفقا بنفسك " .
* * *
حادث له مغزى عميق
نعود للسياسة
منذ مايقرب من شهر قرأت خبر ظاهره يدعوا للضحك الساخر , باطنه يحمل ألما عظيما ,
الخبر يقول :
" القطار يفض اعتصام الأهالي بإحدى مراكز أسيوط "
( والقطار ده مش لقب إنسان زي ما أنا افتكرت على فكرة )
إتضح انها وسيلة مواصلات تم اختراعها في القرن التاسع عشر ودخلت مصر مع الإحتلال الإنجليزي .
( حاجة كبيرة كده بتمشي على قضبان وبتقول توت )
المهم
تفاصيل الخبر كشفت عن أن أهالي مركز ديروط اشتكوا مرارا من نقص الوقود حتى طفح بهم الكيل فقاموا بقطع شريط السكة الحديد - الذي يسير عليه القطار سالف الذكر - و دخلوا في اعتصام مفتوح لحين توفير الوقود .
بعد فترة ليست بقليلة فوجئ السادة المعتصمون أن هناك حالة من التوتر الإستاتيكي المصاحبة لمرور القطارات تملأ المكان لكنهم استبعدوا من مخيلاتهم تلك الدعابة الثقيلة ,
( قطر يعدي واحنا واقفين !
إزاي يعني ؟!
أمال إحنا واقفين هنا بنتشمس مثلا ,
هوه كان اعتصام نادي سيدات المعادي ولا ايه ؟
قال القطر يعدي قال )
وما هي الا نصف دقيقة وكان القطار قادما بالسرعة العادية يعوي منذرا بالويل ,
يمكنكم تخيل كيف حاول أعضاء نادي سيدات المعادي لملمة كرامتهم المهدرة من فوق القضبان لكن دون جدوى , بالكاد نجوا بأرواحهم وسط ضحكات المارة وشماتتهم .
أخمن أن مقصدي اتضح مبكرا ,
لم يتضح ؟
اذا سنكمل لاحقا بعد أن نستعرض بلاوينا الجديدة
* * *
انت عبيط ياعم ؟
سيدي الرئيس ,
بدون تحية ,
أحيط سيادتكم علما بأني منذ فترة ليست بالقليلة أحاول تجاهل وجود سيادتك جملة وتفصيلا ,
أتجاهل وجود خطاباتك المملة الفارغة , اتجاهل قراراتك , جماعتك , حزبك , اهلك وعشيرتك , تصريحاتك المستفزة , أتجاهل تحركاتك وسفرياتك , حتى سقطاتك الكوميدية اتجاهلها , ولم يعد باسم يوسف يضحكني عندما يتحدث عنك , باختصار ,
لقد أطلقت حبلك على غاربك حفاظا على ماتبقى من صحتي ,
السؤال الذي يلح على ذهني الآن ,
لماذا تستفزني إذا ؟
لماذا تتعمد الصدام مع عقلي المحدود بلا منطقك الغبي ؟
لماذا لا تُأخون دولتك في هدوء , وتسمم القضاة الفاسدين المزعومين بالزرنيخ , وتحرق المحكمة الدستورية قضاءا وقدرا , وتطهر الداخلية بالديتول , وتدعوا على المعارضين بالهلاك في حوادث سير غير مدبرة - بلا شك - , وتعتقل من تبقى منهم في قضايا مخلة بالشرف ) عشان محدش يعترض ( , وتمضي في نهضتك المباركة دون ضجيج فلا ألحظ أنا وأمثالي ؟
سيدي الرئيس ,
( كده مش نافع )
( داري على شمعتك تقيد ياعم )
* * *
سكيزوفرينيا
النظام الحاكم يضرب بغباء على وتر ضعف الذاكرة لدى المحكومين وكأنه يحكم شعبا من السمك ,
عندها تكتشف أن قوة الذاكرة مجرد لعنة ,
وتقف محتارا بحق ,
هل حاتم بجاتو هو الراعي الرسمي للتزوير في عهد مبارك , أم هو رجل له خبرة قانونية وجب الاستعانة بها ؟
هل مجلس الشعب تم الغدر به من قبل المحكمة الدستورية وحله دون سند قانوني , أم أن القانون كان به عوار دستوري لذا تم حله ؟
مما يستدعي أسئلة بديهية منطقية ,
لماذا تم استبعاد حاتم بجاتو من المحكمة الدستورية العليا طالما هو كفاءة ؟
فيشطح الذهن شطحات منطقية جدا تتعلق بالدور المستقبلي لمصطفى الفقي وعبدالله كمال والزند وتهاني الجبالي وكبيرهم الذي علمهم السحر أحمد شفيق ؟
طيب عاوز اسأل سؤال تاني ,
لماذا عابوا على جبهة الانقاذ ظهور عمرو موسى في خلفية الصورة , بجوار قادة المعارضة ؟
مع كامل تحفظي طبعا
إن لم تكن هذه حالة فصام سياسي حادة فهذة مؤامرة تحاك وتنفذ لايعيبها غير الغباء ,
على تصرفاتك أن تكون أقرب للمنطق إن كنت تحيك مؤامرة أيها الغبي
* * *
من يذكر تعديلات مبارك الوزارية ؟
رغم أن الموضوع كان عبارة عن مسرحية رتيبة الفصول إلا أنها كانت أقرب للمنطقية , كانت تحقق معادلة ما تبقي الرفض الشعبي تحت السيطرة مع تدعيم مبدأ توازن المصالح وتثبيت دعائم الدولة العليا ,
اذكر أكثر التعديلات غباءا كانت استبدال ممدوح البلتاجي بأنس الفقي على طراز ) تاخد وزارتي وتجيب وزارتك ( ,
لكنها لم تتضمن عزل وزيرا قاربت وزارته او بالفعل قامت بتحقيق اكتفاء ذاتي في محصول القمح لأول مرة منذ عقود طويلة .
هذه اشياء لا يحق لك معرفة اسبابها لأنك ببساطة مواطن تم بيع حقوقك بالتوكيل المشهر بالشهر العقاري بتاريخ 1 / 7 / 2012 .
يمكنك فقط ان تنشغل بالخطر الشيعي وقضية الضباط الملتحين وتهنئة المسيحيين بعيدهم وشروط القرض وحالات التسمم واحاديث عن اقالة شيخ الازهر وتطهير القضاء بينما هم منهمكون بتطبيق شرائعهم المزعومة وارساء دعائم يحسبون انها ستحملهم طويلا .
* * *
هرجلة سياسية
في إحدى ندواته منذ سنوات قال د . جلال أمين شارحا باختصار وببساطة فكرة كتابه الذي يعزي التغيرات التي اصابت المجتمع المصري إلى نظرية الحراك الاجتماعي قائلا :
يمكنكم تخيل عمارة سكنية متعددة الطوابق قرر سكان الادوار السفلى الصعود لأدوار أعلى وأخذوا كل متاعهم واولادهم وزوجاتهم وصعدوا في نفس اللحظة التي قرر فيها ساكني الادوار العليا فعل نفس الشئ وتقابل الجميع على السلم .
نحن بصدد فوضى عارمة بالطبع .
(ناس طيبين قوي يا خال) .
وإن كان الكتاب يبدو لي الآن لونا من الترف الفكري وقراءته نوع من الرفاهية لأن ما يحدث الآن تجاوز كل الحدود والقواعد والتوقعات , إلا أن الحراك السياسي الذي حدث بعد يناير 2011 يشبه هيكليا ما وصفه الرجل ,
الإخوان اصطحبوا عائلاتهم وقرروا الصعود ( وكأنهم طالعين رحلة ) في نفس الوقت الذي بدأ فيه هبوط آخرون وتلاقت المصالح على السلم ,
لن تحب أن تعرف ما حدث وقتها صدقني ,
لكن دعني اعطيك نبذة مختصرة
* * *
كتاب نظرية المؤامرة
باب الصفقات والاتفاقات الخفية
فصله الأول بعنوان تزاوج الإخوان بالفلول
يقول بوضوح أن أي شئ لا تعرف كنهه ولا تجد له تفسيرا منطقيا يقبله العقل هو ليس في صالحك بأي حال من الأحوال لا تتوقع الخير إن كنت لا تفهم الواقع ,
هناك مصيبة ستأتيك قريبا من حيث تترفع أنت ان تتداخل معها .
* * *
عندما قرر السيد المسؤل - الذي أود أن اذهب لأصافحه تقديرا لحسن قراءته للموقف السياسي - أن يفض اعتصام من بضع اشخاص على السكة الحديد باستخدام القطار ذاته كان يلخص الموقف ببساطة ,
أو أنه كان يبعث لنا برسالة خفية لا اظنها مقصودة ,
لا اظنهم بذاك الغباء , لا اصدق النكتة التي تقول أن الاخوان يرددون في ذاتهم بعد ان وصلوا للحكم :
( هي البتاعة دي بتشتغل ازاي )
الامر ببساطة ان اللعب صار عالمكشوف
فلتعترض حتى وإن كان إعتراضك مشروع ولأسباب مشروعة ,
وسأمضي في طريقي المرسوم سلفا وصار واضحا جليا لكل ذي عينين -تماما كشريط القطار - لا تخبئه احاديث الشريعة وتحرير القدس وحلم الخلافة ,
ويمكنك ايضا ان تعترض طريقي وتحاول ايقافي إن استطعت ,
لكني سأمضي كالقطار تماما مهما صرختم ,
ما لا يعرفه هؤلاء ان الثورة على مبارك لم تكن تحمل نصف المبررات التي نحملها الآن ,
القطار الذي فض الاعتصام كان يمكن إيقافه بكل سهولة , لكن قدومه لم يكن في الحسبان ,
اظنها واضحة الآن مقاصدي.
دمتم في حفظ الله .
أحمد حلمي
أسيوط
10 / 5 / 2013

0 التعليقات:

إرسال تعليق