اثنى عشر مليون رجل غاضب


مقدمة سيتم حذفها غالبا

للمرة الاولى اكتب لكم مساء السبت ,
يمكن بشئ من سعة الخيال ان نعده مقالا منحوسا ,
يبحث لنفسه منذ اربعة ايام عن نصف ساعة من الصفاء الذهني ليخرج فيها للوجود ,
ولكن بلا جدوى ,
الغريب في الامر ان لدي اصرار غير طبيعي على كتابته ,
هناك فعلا ما سأموت كمدا إن لم اكتبه , ويبدو انه لا يحتمل الانتظار اسبوعا آخر , وبغض النظر انني اكتب للتوثيق فإن الوضع الحالي يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الادب افراز طبيعي لا تستطيع منعه بسهولة ,
سيظل يلح عليك كذبابة ( غلسة ) في غرفة حارة مغلقة تطن وتصطدم بالنوافذ وتحوم حولك حتى تقتلها او تقتل نفسك .

يبدو وأن هذه المقدمة لن تحذف .

* * * *

مقدمة لابد منها

كنت اقلب في مقالاتي القديمة بغرض جمعها حين لاحظت شيئا غريبا ,
إحم ,
لحظة واحدة ,
من كتب هذا الهراء ؟
هل كنت مقتنعا بهذا السخف يوما ما ؟
وانا الذي كنت أحسبني لا انظر تحت قدمي قط ,
يبدو أن بعد نظري لم يستخدم الا فيما يخص أبو اسماعيل فحسب ,
لكن ما استوقفني حقا وهزني بعنف مقال اصطبغ بصبغة الامل يحكي عن قدرتنا على تغيير واقعنا الرمادي اللون - عديها رمادي عشان خاطري - الذي صنعناه بأيدينا وأيدته أنا يوما ما بكتاباتي ,
لم يلتقط الاشارة وقتها إلا د . إسراء بكر ,
بعد سيل التعليقات التي انهالت تمتدح المقال المتفائل على غير العادة , تركت هي تعليقا قلب الطاولة في وجه الجميع ,
ماذا سنقول لأبنائنا في المستقبل إذا سألونا ماذا فعلنا في هذه البلد ؟
من منكم لديه إجابة مقنعة ؟

* * * *

مقدمة خاصة بقاطني الأرائك

من منكم يذكر دعاء قطع الكهرباء الخاص برمضان العام الماضي ,
ألم يكن ( الله يخرب بيتك يامرسي ) ,
رغم أنه- اطال الله في عمره كسابقه لنر فيه الآيات - تسلم شبكة كهرباء متهالكة أكل عليها الدهر وشرب وقضى حاجته لمدة ثلاثون عاما ,
لقد اعتبرته سيادتك نحسا إذ تزامن تسلمه للحكم مع موعد إنقطاع الكهرباء السنوي ,
سيدي قاطن الأريكة ,
لقد مر عام كامل , والتيار مازال ينقطع , والمحصل مازال يجيئ , والتعريفة زادت , والارباح مازالت توزع على السيد الوزير والسادة وكلاء الوزارة والسيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة , والسادة مديري الافرع والسادة رؤساء الاقسام والسادة كبراء المهندسين ,حيث أن وزارة الكهرباء والطاقة مازالت هي أكبر تكية في بلدنا المحروسة , توزع فيها الارباح بالاقدمية ولا يستبدل فيها مصباح تالف بآخر سليم , ومازلت أنت تدفع ثمنا لجلستك هذه ,
لو انقطع التيار وانت تقرأ مقالي فلا تدعو على مرسي , بل قم وحطم اريكتك واقذفها في وجهه .

* * * *

مقدمة تخص الواسعة آفاقهم

وفيها حديث محبب للنفس عن نظرية المؤامرة , لاتنقصه الحيرة والشك والتدقيق والبحث وراء ما وراء الاحداث ,
إن كنت لم تبتلع حادثة إختطاف الجنود ,
أو ان كنت ابتلعتها ,
إن كنت اعتبرتها من كوارث النظام ,
أو اعتبرتها من انجازاته ,
إن كنت اعتبرتها تمثيلية رخيصة مبتذلة ,
او هي بحث عن هيبة الدولة المفقودة , او محاولة أخرى للإلهاء ,
فإليك حقيقة اننا مقبلين على مرحلة أخرى في تاريخ الحكم الاستهبالي ,
تحرك الجيش الثاني الميداني بقائده ومعداته وضباطه وجنوده وسلطاته وبابا غنوجه تحت سمع وبصر اجهزة الاعلام لتحرير الرهائن , حتى لم يبق سوى ان نرى سعيد صالح يتصل باللهو الخفي ليعنفه على خطف يونس شلبي ,
ثم كده مرة واحدة وبدون مقدمات الواحد يصحي من النوم فيجد الجنود المختطفون يصافحون الرئيس ويبكون على كتفه ,
بس كده
ولم العده ولف وارجع تاني ,
أليس فيكم رجل رشيد ؟
اين الخاطفون اذا ؟
اي مؤامرة حيكت وأي تنازلات قدمت وأي صفقة أُبرمت ؟
اتفقنا ان القاعدة الذهبية تقول :
أي شئ لا تفهمه ولا تجد له تفسيرا منطقيا هو ليس في صالحك بأي حال من الاحوال .

* * * *

مقدمة أخرى تخص آخرين

في مناقشة ودية مع أستاذي الكبير محمد حسنين هيكل - متعه الله بالعافية - ألمح السادات إلى رغبته في استبدال جيل الثورة بجيل العبور ,
رغم اعتراض هيكل على التصنيف إلا انه لم يجد في الامر غضاضة ,
الا ان اعتراضه كان على اسباب اختيار مبارك تحديدا لمنصب النائب ,
بكل وضوح لم تكن لتقنع طفلا صغيرا ,
على حد قول الرئيس الراحل :
- منوفي مثلي
- ويتفهم خطتي بصدد السلام مع اسرائيل

دعنا من منوفيته التي تتعارض مع شرقاوية واحد صاحبنا ,
لكن ماذا عن تفهم واحد صاحبنا لخطة السادات للسلام مع دولة اسرائيل الصديقة ,
ماذا عن خمسمائة جندي - شعارهم الطعنة جاية من هنا مش من هناك - يتناثرون كنقاط مهملة بلا تسليح على طول أخطر شريط حدودي يمتد لمئات الاميال تعج بمهربي الاسلحة والمخدرات والبضائع والجماعات الجهادية ,
ماذا عن مثلث مصري لا يتمتع أصلا بالسيادة المصرية فصلت خطة السادات للسلام هويته عن هويتنا عمدا ( لجل عيون جيمي كارتر ) ,
ماذا عن اراضي مصرية - مجازا - يستخدم قاطنوها هواتف تعمل على شبكات إتصالات اسرائيلية لأنه ببساطة الشبكات المصرية لاتعمل هناك لاعتبارات الامن القومي ,
ماذا عن مواطنون مصريون لا تصلهم اي خطط تنمية بل يتم الحديث عنها فقط بعد كل مصيبة في اجهزة الاعلام ,
وأخيرا ماذا عن سبعة عشر جنديا قتلوا قبل ما يقرب من عام في نفس ذات المكان .

* * * *


مقدمة خاصة بطريق الخلاص


بدا الأمر كحل عبثي في بداياته ,
إن كنت لاتقدر على تنفيذ أحكاما قضائية واجبة النفاذ لمجرد أنها لا تروق لعشيرة السيد رئيس الجمهورية , فكيف ستتخلص منهم بحفنة من الاوراق عديمة النفع القانوني ,
لكن اتضح ان العبث هي الوسيلة الوحيدة لمجابهة خصم يتمتع بالغباء ,
انظر كيف حول غباءهم عبث وهزل باسم يوسف الى اكثر البرامج مشاهدة في العالم ووضعه بين اكثر مائة شخصية مؤثرة في العام الماضي .
الغباء لا يقابل سوى بالعبث ,
بين عشية وضحاها تحولت نكتة جمع توقيعات لحملة تمرد الى كرة ثلج كبيرة تأخذ في طريقها كل ما تقابله ,
الذعر يتزايد والعرش يهتز بالفعل ,
والا لما تحدثوا عنها واولوها هذا الاهتمام الذي زاد من شعبيتها ,
الامر لا يتعدي مظاهرة ورقية لكنه يضغط بقوة على اعصاب نظام مخلخل اصلا ويدفعه نحو تصرفات لا منطقية مضحكة .


* * * *

إثنى عشر مليونا من الغاضبين

هذا ما كتبت مقالي لأجله , ادعو إثني عشر مليونا من الغاضبين للتمرد , طالما انه يستند الى مثل هذا العدد ويكتسب منهم شرعيته المزعومة ,
ببساطة لاتستمعوا لأحاديث حرمانية الخروج عن الحاكم الظالم فلدينا الآن مايفوق اسباب خروجنا على مبارك فهو اولى بتلك الاحاديث ,
لاتستمعوا لأحاديث القبول بالديمقراطية واحترام رغبة الشعب , فأنتم الشعب وليس سواكم ,
والاحوال تسير الى الاسوأ ولا يرجى حل قريب لمشاكلنا المستعصية مادمنا نسير بطريقة نزع التكت وتغيير المالك وبقاء البضاعة كما هي ,

الجملة الآتية يحمل وقعها عليك توجيها صحيحا لقرارك ,

إن محاسبة رئيس الدولة لابد وأن تكون في المقام الاول سياسية تثبت عليه أو تنفي عنه تهم الإخلال بالعهد والوعد والشرعية , وإساءته لشعبه ومحكوميه مما يستوجب الخروج عليه .

دمتم في حفظ الله

أحمد حلمي

أسيوط

26/5/2013

0 التعليقات:

إرسال تعليق