الثامنة صباحا لم أكن مستيقظا في مثل هذا الوقت منذ مدة طويلة لذا مازلت اشعر انني أحلم هذه عربة قطار اعرف ان الصورة التي ارتسمت في عقولكم الآن ليست كما أرى أمامي تذكرون يوم قالوا ان هناك قطارا إحترق ومات من بداخله حرقا وقتها لم يكن عقلي الصغير قادر على إستيعاب الفكرة قطار إحترق كيف لم ينجو كل راكب بنفسه قبل ان تبلغه النيران اظن ان هناك عقولا كبيرة كذلك مازالت عاجزة عن إستيعاب الفكرة مالم يكونوا قد إستقلوا يوما قطارا كهذا ربما يكون هذا هو نفس القطار المحترق منذ سنوات لكن مايحيرني الآن هي فكرة نجاة من نجا من ذلك الحريق لقد صارت الفكرة المضادة هي مايستعصي على عقلي الآن المشهد أمامي الآن يقول بوضوح انه في حالة الحريق -لاقدر الله- لن ينجو إلا من يقف على الباب أما باقي المئتي راكب -والرقم غير مبالغ فيه- فرصتهم في النجاة شبه معدومة لحسن الحظ انا أقف على الباب لم يسعدني حظي لأكن من المختارين الجالسين أعتقدأن هؤلاء قضوا ليلتهم هنا ليحصلوا على مقعد في الصباح لست وحيدا على الباب-وهذا يصلح عنوانا لقصيدة أو قصة قصيرة بالمناسبة-هناك شركاء في فرصة النجاة المحتملة هذا كهل في الستين ينعي ضياع الأخلاق وإنعدام الذوق العام وكيف أن أحد الجالسين الشباب لم يعرض عليه الجلوس بعد ساعة ونصف من الوقوف هذا جندي في الجيش لكنه متخفي في ثياب مدنية يحكي عن معاناته في المظاهرات وهي تشبه معاناة جندي أسير في معسكرات النازيين في الحرب العالمية الثانية هذا رجل في العقد الثالث ذاهب لعمله تعب من البحث عن مقعد فوقف قليلا ثم وضع حقيبته أرضا وجلس عليها هناك كذلك شاب يبدو من لهجته انه سكندري وقد دخل في حوار جانبي مع العجوز عن الشباب وأخلاقهم والثورة والمظاهرات وحال البلد حوارات تغريك بالدخول فيها ثم تعدل عن ذلك في اللحظة الأخيرة حقنا للدماء أقصد تفاديا لحرق الدماء وأخيرا هناك فتاة نعم تقف بيننا فتاة لم يختلف حظها عن التعساء الواقفين أسندت ظهرها للباب وتتفحص وجوهنا بين الحين والآخر في قلق بها شئ من جمال لاشك ،تحمل أدواتا هندسية إذا فهي طالبة هندسة حسبت هذا واضحا لم تتحدث إلاعندما سألها أحد الواقفين عن وجهتها ثم صمتت لباقي الرحلة أظن اننا سنكون أول الفارين من الحريق الإفتراضي المنتظر أعوذ بالله لما هذا التشاؤم ياأخي اسمعك تقولها لكن من قال اننا لسنا في حريق أكبر من حيز القطار وسنحترق كلنا قريبا ولن ينجو حتى من يقف على الباب لأنه سيموت حتما بعد ان يقفز تحت عجلات قطار اللامبالاة القادم من الإتجاه المعاكس احمد حلمي من راخل القطار 164
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق