البداية كانت منذ ثلاثة اعوام تقريبا بعد قرائتي لكتاب الأستاذ أنيس منصور الذي يحمل عنوان " كتاب عن كتب " والذي يتحدث فيه عن حوالي 22 كتاب مهم قرأها ونقل لنا انطباعه عنها في كتاب واحد هنا ايقنت مدي روعة تجربة الكتابة عن كتاب انها عالم رائع تنقل إليه من لم يحظ - بعد - بفرصة قراءة كتاب قيم آخر هنا قررت خوض التجربة تجربة الكتابة عن كتب كانت البداية عفوية وانفعالية بكتابتي عن رواية " يوتوبيا " للدكتور أحمد خالد توفيق وأعتقد انها لاقت قبولا وكان المقال بعنوان " كتاب لم احب ان اقرؤه مرتين " اعتقد ان العنوان هنا يقول بوضوح ان الإنطباع إختلف تماما مع الإقرار بروعة الرواية السابق ذكرها إلا أنها كانت كالجاثوم حتى انك لاتقدر على التنفس من فرط السواد المتشحة به الأحداث لكني ايضا لم اكن اقدر على التنفس وانا اقرأ رواية اليوم ولكن من فرط الإنبهار اقسم انني كنت آخذ جلسات استراحة بين الحين والآخر لألتقط أنفاسي اللاهثة خلف الأحداث كما انني تمنيت ألا انتهي من قرائتها وأحسست بفراغ فظيع بعد انتهائي منها أخيرا اتمنى ان اكمل السلسلة وان ارى يوما كتابا يحمل كتاباتي عن كتب اثرت في نفسي فدفعتني للكتابة أعرف اني, اطلت وأعتذر لكنها مقدمة لابد منها لابد أن تعرف كيف بدأ كل شئ الكتاب محل النقاش هو رواية " ملائكة وشياطين " ل " دان براون "في البداية سوف اضع الكتاب بين ايديكم انها رواية في 568 صفحة من الحجم الكبير أي انها هائلة الحجم وجبة دسمة فعلا من القراءة التصنيف : حقا وجدت حيرة كبيرة في تصنيف الرواية لكنها بشئ من سعة الخيال يمكن اعتبارها رواية بوليسية أو " Detective story " نوع من البحث الطويل عن الفاعل المجهول خليط سحري مابين أجاثا كريستي وآرثر كونان دويل لكن ماأنقذ القصة حقا من كونها مجرد رواية بوليسية معتادة ان المؤلف اجرى بحثا عميقا في تاريخ العلوم والفنون والديانات والآثار وأشياء أخرى كثيرة بالإضافة إلى انها تخرق قاعدة مهمة من قواعد كتابة القصص البوليسية هي ببساطة لاتبدأ القصة بجريمة قتل دعني اعرف الضحية اولا وأتعايش معها وأحبها او أكرهها لكن من قال انه يجب اتباع جميع القواعد لإخراج شئ جميل .المحتوى :بإختصار الرواية تحكي عن أخوية سرية قديمة تدعى " الطبقة المستنيرة " عادت لتنفذ وعدا قديما قطعوه على انفسهم بالإنتقام من الكنيسة الكاثوليكية متمثلة فى الفاتيكان ردا على اضطهاد الكنيسة للعلم والعلماء فى القرن التاسع عشر حتى وصل الأمر للحبس والتعذيب والإعدام بتهمة الهرطقة لكل من ادعى تنوير الناس بشئ آخر غير الدين وإحتكار الكنيسة للمعرفة هكذا إختارت تلك الجماعة السرية العودة والتسلل الى داخل الفاتيكان وقتل البابا والتسلل الى داخل أحد مراكز الأبحاث الأوروبية وسرقة تكنولوجيا تدميرية حديثة ووضعها في داخل مبنى كاتدرائية القديس بطرس - مقر الحكم الباباوى - عشية الخلوة الإنتخابية المقدسة والتى تقام لإنتخاب البابا الجديد مهددين المدينة بأكملها بالفناء وخطف الأربعة كرادلة المرشحين للمنصب الرفيع وقتلهم على التوالي كل ساعة انتقاما لقتل علمائهم من قبل .الرواية عبارة عن بحث طويل ومتواصل من أحد علماء الرموز الدينية عن طريق اشارات معينة وحل المزيد من الألغاز التي تركتها الطبقة المستنيرة في مدينة روما تدل اتباعهم على مكان اختبائهم هل اكتفيتم ? مازال هناك المزيد بداية وضع المؤلف يد القارئ على الصورة كاملة بإضافته خريطة مفصلة لمدينة روما وأخرى للفاتيكان في بداية الرواية حتى لتشعر انك تسير سيرا داخل الشوارع وتركض ركضا اذا لزم الأمر المؤلف لديه طريقة في السرد لاتجعل القارئ يمل على الإطلاق ينتقل من مكان لآخر من مشهد لآخر يوقف القصة ليحكي لك عن تاريخ المكان ثم يعاود الإسترسال دون ان تشعر بأنك خرجت عن الأحداث بل انك في قلب الحدث وتسمع الأحاديث بأذنيك .الرواية ذات إيقاع سريع لاهث حتى انك سوف تتوقف مرارا لإلتقاط انفاسك لاأعرف حتى الآن كيف جمع بين الإيقاع السريع والسرد بطريقة اقل مايقال عنها انها ناعمة حتى انك لاتشعر بمرور الصفحات وفى نفس الوقت لايدع الخيوط تفلت اطلاقا من يديك انت منتبه دائما لما يحدث في جميع الأماكن وجميع الأوقات مع خلو الرواية من حالات الشرود الذهني التي تجعلك تحتار ولاتعرف معها لماذا فعل البطل كذا الآن الرواية تحتوي كمية لابأس بها من المعلومات والتواريخ حتى انك ستخرج بحصيلة لابأس بها عن مواضيع مختلفةعلمية وتاريخية وفنية وجغرافية وحتى دينية. المؤلف يتمتع ببراعة وصفية حتى انك تشعر انك في جولة سياحية بصحبته وستشعر انك زرت الأماكن التي وصفها ورأيت اعمالا فنية وتحف يستحيل ان تراها اصلا في حياتك حيث كان الفاتيكان يولي رعاية خاصة للرسامين والنحاتين وأعطاهم سطوه ونفوذا لامثيل له حتى ان المؤلف يذكر ان مايكل انجلو في لوحته " يوم الدينونة " أو " يوم الحساب الأخير " والتي يصور فيها يوم القيامة والسيد المسيح يقوم بفصل الخاطئين عن المؤمنين وارسالهم الى النار رسم احد اعداءه بين الخاطئين ينتظر دوره ليتعذب ومازالت معلقة في الفاتيكان حتى الآن آه نسيت شئ مهم الرواية تصتدم في أكثر من موضع مع مبادئ العقيدة المسيحية وهو ماأثار موجة من الإحتجاجات الفاتيكانية كالعادة لنكمل المؤلف احسن رسم منحنى الصراع وأحسن ايضا وضع الحل فلا تشعر ان النهاية ملفقة او انه تعجل في انهاء القصة.الرواية ذات مستوى عال من الذكاء لكن بحيث لاتشعر انه اعلى منك بل انه يأخذ بيدك تدريجيا لتجد ان عقلك في منتصف الرواية يعمل بكامل طاقته .,هناك شئ هام جدا وهو مااصطلحت على تسميته ب " التمدد الزمني "ستسألني وماهو سأقول لك انه عمد إلى تمديد الزمن بطريقة ما حتى يستوعب أحداثا كثر حتى انك لن تصدق ان الزمن الذي مر منذ بداية الرواية إلى نهايتها خلال 568 صفحة هو 24 ساعة فقط دون ان تشعر كقارئ بأنه حشر الأحداث حشرا .هناك مقولات تحمل معاني عميقة لايمكن إغفالها داخل الرواية أذكر منها ماقاله المؤلف على لسان السكرتير الباباوي الأول " إن أخلاق الناس لم تتقدم بسرعة تقدم علومهم " لذا كان العلم خطرا على البشرية من وجهة نظره في النهاية استعين برأي للدكتور أحمد خالد توفيق يقول ان " السنيما هي الشكل النهائي الأسمى لكل الفنون وان هناك مشاهد لايمكن وصفها بورقة وقلم "انا اتفق تماما معه لكن هذا لاينطبق على هذه الرواية انا أظن ان من سيشاهد فيلم " ملائكة وشياطين " لن يحصل على متعة من قرأ الرواية ولا حتى على نصفها .أحمد حلمي اسيوط 3-5-2011 ,,,,
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق