في ذكرى المذبحة

صاحبي اللي كتفه ف كتفي بيخليني مطمن 
عارفه هايفضل جنبي مهما لقاني بتجنن 
ومش من دمي 
ولا اخويا ولا عمي 
لكنه اختار يكون جنبي 
هذا ان ظللت بجواره على قيد الحياة 
اما ان قتلت 
فماذا سيفعل 
هذا ما لم تذكره الاغنية لحسن الحظ 
لكنه معروف للجميع 
سبعة عشر ثانية من أشهر إعلان تلفزيوني في السنة المنقضية ربما لم يلحظ الكثيرون دلالتهم لكنهم - وفوق ذلك - يقولون لي بصوت عال جدا ربما تتصالح يوم ما مع كل ذكرياتك الأليمة عدا هذه فلا تحاول . 

هذا ما يتردد في ذهني كلما رأيت المقطع الخاص بالألتراس في إعلان احدى شبكات المحمول الذي تحول لنشيد وطني دونما سابق إنذار , لكن وجود ذلك المقطع وسط مجموعة من الفقرات التي تمثل تباين التراث المصري وتنوعه بحسب تغير البيئة المحيطة يقول ايضا بوضوح لقد اصبحوا كيانا فاعلا في وجدان الوطن , لقد صاروا تراثا وليسوا مجموعة من مجانين كرة القدم فحسب ,

لكن هذا حدث بالطريقة الصعبة للأسف . 

لماذا أبدأ بالخواتيم , 

دعوني أحكي من البداية 



****************** 



( قلناها زمان للمستبد .... 

الحرية جاية لابد ) 



هناك مشهد شهير من افلام اسماعيل يس عندما رآه الشاويش عطية فتمتم قائلا : ( هو بعينه بغباوته ) 

لقد عرفه بعين الخبير وتوقع المصيبة القادمة , 

هذا تقريبا ما حدث , 

عندما ظهر ذلك التجمع لأول مرة في مدرجات الإستاد ولفت الانظار بمدى تنظيمه واتحاده لم يلتقط الرسالة سوى الشاويش عطية ! 

رآهم الكثيرين مجرد مهاويس تشجييع وكانوا مثار إعجاب يُنسى غالبا بانتهاء المباراة , لكن العادلي عرف جلاده بمجرد أن رآه , 

وصلته رسالة مبكرة جدا تقول هؤلاء تجمع لايمكن ردعه , 

بدأت المضايقات , 

ممنوع دخول اي فرد يرتدي تي شيرت يحمل اي عبارات , 

ممنوع دخول الاعلام 

ممنوع دخول ادوات التشجيع 

ممنوع دخول لافتات 

تفتيش ذاتي 

مش عاجبك 

خدوه 

اعتقال 

هذا ما حدث في اغلب المباريات على مدار ثلاثة اعوام قبل الثورة وهو ما خلق حالة من العداء الغير ذي معنى بين الداخلية ومجموعة من المشجعين الشباب الذين تنحصر اهتماماتهم في كرة القدم وفقط . 



**************************** 

( ياحكومة بكرة هاتعرفي .. 

بإيدين الشعب هاتنضفي .. 

والآية الليلة مقلوبة ) 



خبر في احد المواقع الرياضية نشر في نوفمبر الماضي الخبر يقول 

الاتحاد الافريقي لكرة القدم يغرم النادي الاهلي خمسة آلاف دولار إثر استخدام الأخير لافتات سياسية في المدرجات خلال احدى المباريات الافريقية . 

خبر عادي جدا ينتمي لفئة عض الكلب رجلا , ولا يثير اي دهشة , لكن الدهشة تبدأ عندما تعرف ان اللافتات المذكورة كانت تحتوي على صور لمشجعين الفريق الذين سقطوا قتلى في احدى مباريات الكرة قبل عام من الأن . 

اين السياسة من الموضوع ؟! 

دعنا نكمل لنفهم دلالة الخبر ,


في مقاله بالأهرام المنشور بتاريخ 20 نوفمبر 2009 تساءل أشرف عبد المنعم - بعد مظاهرات الغضب التي إجتاحت الشوارع تعبيرا عن استيائهم من أحداث مباراة مصر والجزائر التي جرت احداثها في السودان - عن كل هذه الطاقات البشرية المهدرة في تشجيع كرة القدم وضرورة توجيهها توجيها صحيحا , 

وهو ما حدث في الغالب , 

فكان من المتوقع لأي دعوة لإفساد عيد الشرطة أن تلقى ترحيبا وإقبالا من هؤلاء الشباب وهو ما كان يخشاه النظام منذ القدم , 

لدينا إذا تجمع من عشرة آلاف شاب تتراوح اعمارهم مابين 20 و 30 عام يتحركون كيد واحدة , هذا ليس بيوم جيد للداخلية على الإطلاق , 

وهكذا نسى الألتراس اهتماماته الكروية وشرعوا في توجيه تلك الطاقات البشرية لاتجاهات اخرى فكان لهم تواجد فعال في جمعة الغضب , موقعة الجمل , محمد محمود , مجلس الوزراء .فتحولوا في اقل من عام الى صداع سياسي لاتصلح معه المسكنات . 



******************************* 



( قالوا الشغب في دمنا 

وإزاي بنطلب حقنا 

يانظام غبي 

إفهم بقى مطلبي 

حرية ... حرية ) 



ككل الشباب المشارك في أحداث الثورة بدأت الاتهامات توجه لهؤلاء الشباب بالبلطجة والعمالة وتنفيذ اجندات وتلقي تمويل والسعي للتخريب واشاعة الفوضى , لكن الموقعة الفاصلة كانت في أحد أيام شهر سبتمبر 2011 عندما تسببت الهتافات المعادية للداخلية في طرد مدرج الدرجة الثالثة من الملعب بعد مباراة الاهلي وكيما اسوان وهو ما انتهى الى تحطيم سيارات الأمن المركزي والإعتداء على كتيبة كاملة وإلحاق أضرار وإصابات بالغة بالجنود والمدرعات , 

هنا تحول الامر لثأر , 

طبعا المحكمة قضت ببراءة المقبوض عليهم لعدم كفاية الادلة , لكن النار تحت الرماد تعاظمت . 



****************** 

( قال النظام ايه العمل 

كده النهاية بتكتمل 

افهم بقى 

ارحل بقى 

سقط الطاغوت ) 



ما حدث في بورسعيد قبل عام من الآن هو غالبا تلاقي إرادات من عدة جهات اجمعت كلها على ضرورة الانتقام , الداخلية وربما الجيش ايضا لا يحملون اي ود لهذا الفصيل , جمهور غاضب من شئ ما تافه لا تعرف كنهه ولا كيف بدأ , اطراف أخرى يسعدها اشاعة الفوضى , 

هناك انباء تتحدث عن ان الادلة الجديدة التي تقدم بها النائب العام في قضية مقتل المشجعين تتضمن استدعاء الضباط المشاركين في تأمين مباراة كيما اسوان التي تم فيها الاعتداء على الامن لتأمين مبارة الاهلي والمصري باستاد بورسعيد , وهو مايؤكد ان النية كانت مبيتة للأخذ بالثأر وغض الطرف عما سيحدث بعد المباراة , 

( مش بتقولوا انكم حميتوا الميدان .. 

احموا نفسكم بقى ) 

هذا جملة من وسط الموقعة بالمناسبة . 

كانت المرة الاولى التي أرى فيها تقرير الطب الشرعي يشير الى الوفاة نتيجة إعاقة ميكانيكية للتنفس وهو شئ عسير التصديق ولن تحب ان تعرف تفسيره ايضا . 

*************************** 

( م الموت خلاص مابقيتش اخاف 

وسط ارهابك قلبي شاف 

الشمس هاتطلع من جديد 

اسرق امان 

خرب بيوت 

دا كان زمان وقت السكوت 

الحلم خلاص مش بعيد ) 



الهتاف المتعلق بالموت بالمناسبة يعلق بالتكرار لا اراديا بالعقل الباطن ولا يزول اثره بسهولة ويصبح مسؤلا عن سلوكيات قد توصف بعد ذلك بالهوجاء , لكننا نتحدث عن شباب يتحرك بطريقة المجاميع ويفكر بيديه اولا ويكتب على الحوائط ( احنا ما بنخلصش ) بعدما فطنوا لمحاولات تشتيتهم المنظمة , وتحول الهتاف الشهير ( يانجيب حقهم يانموت زيهم ) الى ( هانجيب حقهم ) دون النظر للكيفية بعدما كاد يتحول الى ( هانموت زيهم ) دون النظر للقصاص . 

مر عام على اكثر ذكرياتي الاليمة تخلله مسيرات مهيبة زلزلت قلب العاصمة , اعتصامات غفيرة العدد امام المحكمة اثناء الجلسات , منع بعض مقدمي التفاهات لمحاولة تضليل الرأي العام وقلب الحقائق عندما تعلق الامر بهم , واخيرا تعطيل النشاط الرياضي حتى يأتي القصاص , الالتراس تعلم الدرس واستفاق بالطريقة الصعبة , لكنه كذلك تعامل مع مصيبته بطريقة تستحق الدراسة , وتؤكد انه ما ضاع حق وراءه مطالب وتجعلنا نعيد النظر في تعاملنا مع قضايا كثيرة تستحق الاهتمام . 

دمتم في حفظ الله 











أحمد حلمي 



البحيرة 



1 / 2 / 2013 

0 التعليقات:

إرسال تعليق