مقال لن يعجب احدا على الارجح


هناك مقال لابد وأن يصدر لي قريبا أحكي فيه لربات البيوت عن الخطوات الواجب اتباعها عندما تخبر أطفالها أنها ستدخل المطبخ لتعد لهم بيتزا بينما هي لا تجيد طهوها من الاساس ,

الموضوع لا يتعلق إطلاقا بالطهي

لكنه يدور حول تلك اللحظة التي تدرك فيها أن ( الطبخة - عدم اللامؤاخذة - باظت ) وانه لابد من استغلال الباقي من المكونات في عمل شئ ما يصلح للغذاء بدلا من التخلص من كل شئ اجباريا بعد حرقه .

وهذا بدوره يتوقف اولا على ادراك تلك اللحظة .

وهو ما لن نفعله الآن لأن الطبخة تقريبا لم يبق من مكوناتها الاولية غير الطاهي

نحن هنا نحاول اعادته للحياة بعد أن اصابه موت اكلينيكي جراء تجربته وصفه لا يعرف مدى خطورتها .

( يارب مايكونش حد فهم حاجة )



* * * * *



مشكلة العالم أن الأغبياء على يقين تام مما يفعلونه , بينما تتقاذف الاذكياء نوبات من الشك تحول بينهم وبين الحلول الحاسمة في الاوقات العصيبة ,

هذا يلخص كل شئ , نحن نعيش كذبة كبيرة , وهم كبير , كابوس كبير , ضلالات كبيرة , معسكرين احدهما يُنشِد ( انقلاب .. انقلاب ) والاخر يغني ( تسلم الايادي ) بينهما تم سحق الآلام والاوجاع والقتلى والانسانية والمنطق والعقل والحقوق والواجبات والمبادئ والكرامة والحرية في المنتصف .

قبل ان أطوي صفحة الاخوان للأبد هناك نقاط يجب وضعها فوق الحروف



الإنهيار بدأ يوم بدأ الانقسام وبدا جليا وتم غض الطرف عنه وكأنه من الممكن ان تكون دولتهم وحدهم , وبدأت تطفو الى السطح جمل مثل جملة " أؤيد قرار الرئيس " - هكذا بالمطلق وكأنه يوحى اليه - و " جملة موتوا بغيظكم " وكأننا اعداء لهم ولسنا مؤيدين الامس تنبهنا لوجود زيغ ,

ثم بدأ تسفيه المعارضين وتخوينهم واعتبارهم كم مهمل ثم الطعن في اشخاصهم كنوع من تشتيت الانظار نحو نقاط اخرى للخلاف ,

ثم تحويل الامر تدريجيا الى عداوة للدين وبدأنا نسمع في المسيرات اناشيد مثل " لبيك اسلام البطولة " و " سنخوض معاركنا معهم "



بعد حوالي ستة اشهر من تكرار العك وتكرار الاعتراض وتكرار التسفيه تحولنا الى معسكرين لا تخطئهم عين مدقق

معسكر صار يرفض اي قرار مقدما ومعسكر مؤيد لأي قرار مقدما ,

عندما صرنا في عرض البحر وبدأت السفينة في الغرق وسط احاديث عن المؤامرة والاعلام المضلل والفلول والانجازات كانت هناك نوبة هي خليط من الاستعلاء والانكار التام والبارانويا تدير الأزمة بكفاءة تامة نحو الهاوية .



* * * * *

اليكم الحقيقة التي لا تحتمل الجدل

نحن شعب عنصري - أصلا - اصابه تبلد قاتل تجاه الدماء ,
هذا خليط كاف جدا لتدمير المجتمع وتحويله إلى غابة حقيقية لاينقصها أي نوع من الضواري ,

الشعب الذي قتل بعضه البعض من اجل مباراة كرة قدم لن يصير متسامحا بصورة مفاجئة ويعتلي المنصة ويقول للإخوان " اذهبوا فأنتم الطلقاء "

كل مواطن في هذا البلد الظالم أهله جهز عبارات مطبوعة على ورق مفضض من نوعية " موتوا بغيظكم " و " إيه اللي وداكم هناك " ليقولها في ذات المواضع التي سمعها فيها من قبل ,

في البداية ساهمت مطالب الإخوان اللا منطقية الغير متسقة مع الواقع - من وجهة نظر البعض - بالإضافة الى نغمة الاستعلاء والوعيد في خطابهم السياسي في عدم اجتذاب تعاطف العامة من الناس وعندما تطور الصراع نحو الدموية اندفعت الجموع بالقصور الذاتي في اتجاه العداء والشماتة تجاه الدماء ايضا متناسين ابسط قواعد الانسانية او متخلين انها طواعية بالكلية ,

وتحول وزير الداخلية أداة مرسي القمعية إلى بطل قومي بين عشية وضحاها وبين غفلة عين وانتباهها تطهرت الداخلية واصبحت جهاز وطني يستحق الثناء .

* * * * *

لدينا الآن معسكرين لا تخطئهما عين مدقق وإذا كان المعسكر الرافض لما يسميه " الانقلاب " فاقد للإتصال بالواقع والمنطق فإن المعسكر المؤيد لما يسميها " الثورة الشعبية " يعيش حالة من التوقف الزماني ولا يرى غير خطايا الاخوان التي رمتنا في التهلكة ..

معسكر يرى انه لابد وان نفعل كما فعل البرلمان الفرنسي عندما اصدر قانونا يجرم فيه انكار ابادة الارمن على يد الجيش العثماني في الحرب العالمية الاولى ,
بينما المعسكر الاخر يرى ما يحدث انه مجرد " تزيد في استعمال القوة تشفع له مشروعية مقاصده "

بينما اهملنا ما يجب أن نوليه اهتمامنا الاساسي ,

هناك اعلان دستوري صدر ليتيح صلاحيات واسعة لرئيس جمهورية شرفي بينما لا احد يتحدث من منطلق " موتوا بغيظكم "

هناك حكومة من بقايا نظام من المفترض انه قامت من اجله ثورة منذ سنتين تم غض الطرف عنها بمنطق " هاتلي حكومة من تل ابيب عادي مدام خلصنا م الاخوان "

هناك مجلس محافظين ثلثيه لواءات جيش وشرطة تم ( بلعهم ) عادي جدا بعد قرص رانتيدين لزوم الحموضة وحفظ الامن ومواجهة الارهاب .

ثم ان هناك لجنتين متعاقبتين لتعديل الدستور بطريقة مريبة تم تمريرهما تحت شعار ( وسع لخارطة الطريق )

ناهيك عن تمديد الطوارئ المتوقع بعد تفجيرات الامس , وحملة الاعتقالات الجزافية واسعة النطاق والمحاكمات العسكرية للمدنيين المرفوضة شكلا وموضوعا مهما كانت الملابسات .

عندما قال صديقي ياسر سامي انهم يعاملوننا بمنطق ( بص العصفورة ) قيل له احنا عارفين من زمان ان ستة ابريل دي اخوان اصلا ,

بالإضافة لصحة كلام ياسر وانهم يتبعون سياسة الالهاء ( واحنا ملهيين الله ينور ) فالأدهى أن نظرية " من ليس معنا فهو ضدنا " قد تطورت في مصر واضيف لها ملحقات لتصبح " ويتعين على من معنا ان يقول كلاما يخدم مصالحنا بالكلية ولا يحتمل التأويل ليخدم الجانب الآخر والا فهو ضدنا "

رجاءا

اللي قرر يقرأ سر المعبد وقلب الاخوان ومعالم في الطريق دلوقتي عشان يعرف يهاجم الاخوان على اسانيد تاريخية يسيبهم ويقرا تعديلات الدستور افيد ,

ما يشغل بالي الآن هو الحفاظ على ماتبقى مما كنا نأمل في تحقيقه ,
لا تشغلني أحاديث عودة انظمة وسرقة ثورة وضياع حريات ,

ما يُمنح قد يُمنع ,
لكن ما يُكتسب لا يُقتلع ولو بالنار ,

لم يمنحني أحدهم ثورة او حرية او وطنا كي يمنعهم يوما ما ,

دمتم في حفظ الله

أحمد حلمي

البحيرة

6 / 9 / 2013

2 التعليقات:

mishmesh يقول...

متفقة جدا جدا مع معظم كلامك ع فكرة
متهالى احنا دلوقتى بنعانى نفس المشكلة اللى حصلت بعد ثورة يناير لما مكناش فاهمين نقول نعم لية ونقول لا لية لان الموضوع وقتها مكنش شاغل بالنا
دلوقت برضو مش مهتمين باللى بيحصل وغالبا دة ممكن يرجعنا لنفس النتيجة لما كنا بنقول الدستور الاول والا مجلس الشعب والا الرئيس

احنا محتاجين حبة مخ " حد يفهمنا بمعنى اصح " .... حيادية .... واقعيه.... تفاؤل باذن االله لبكرة

Mohamed Koraaa يقول...

باختصار روعة

إرسال تعليق