عبث ينظمه القانون


اجتمعت حكومة ريتشارد نيكسون لمناقشة مشكلات الصحة و التعليم والحاجة لتطوير المناهج , وهي مشكلات مستعصية لايرجى لها أي حلول قريبة ,

بعد الاجتماع خرج الجميع راضين عن انفسهم ,

عندما سأل الصحفيون المتحدث الاعلامي عن القرارات التي أسفر عنها الاجتماع ,

أجاب بثقة : قررنا تصعيد الغارات على ڤيتنام الشمالية ,

ماذا عن ال ......

ولا حرف واحد عن المشاكل الاساسية ,

الخبراء النفسيون يرجعون ما حدث الى السطر التالي ,



( الحاجة إلى فعل شئ ما )



أي شئ , في أي اتجاه ,

لا تهتم بجدواه أو صلته بالمشكلة الاساسية كثيرا ,

المهم أن تتحرك ,

التوصيف القرآني للأمر

" كالذي يتخبطه الشيطان من المس "



هذا ما يحدث منذ ما يقرب من شهر واتضح جليا بالامس ,

التحرك في أي إتجاه ,

دعنا أولا نتهم المعارضة بالعمالة , الفلولية , الكفر , الفساد ,

ثم نهاجم الاعلام ونعلق عليه كل أسباب الفشل ,

ثم نتهم الشعب بالبلطجة وافتعال المشاكل والسعي للتخريب وتعطيل الركب السائر - للخلف بالمناسبة - ,


ثم نعين محافظين من تيارات مؤيدة لمجرد الاطمئنان بغض النظر عن الكفاءة الادارية او التقبل الشعبي ,


ثم نخرج لنهلل لأنفسنا على كلام مرسل لا برهان عليه ولا دليل ,



ثم ننام شاعرين بأننا أدينا ما علينا تجاه البشرية , وأن المستقبل جميل وأن سنة من الاهانات تكفي وأن الفئران آن لها أن تعود لجحورها ,



ماذا عن المشكلة الحقيقية ,

ولا كلمة ,



لا يوجد مشكلة من الاساس ,



ينصر دينك ياريس ,

ايه الحلاوة دي ياجدع .



* * * *



لا يخفى على القارئ حقيقة أن خطاب الرئيس يستجلب الضحك والسخرية أكثر مما يستجلب الانتقاد أو التأييد الموضوعيين ,

ويمكن ببساطة اتخاذه كمقياس لمدى الاستقطاب وتغييب العقل لدى المؤيدين ,

( ماهو أصل اللي عجبه اللي اتقال امبارح ده أكيد مابيفكرش )

ولا يخفى عليه أيضا انتقائيته لمستمعيه وتنفيره للفئات غير المرغوب فيها ,

ولا اعدني اتيت بجديد إن قلت أن ما حدث بالامس مهزلة حقيقية تسئ الى الرئيس ولمؤسسة الرئاسة وللشعب المصري كافة - أمام العالم -

لايهمني إن كان الخطاب بالفصحى أم بالعامية ,
ما جذب انتباهي هو ضحالة وركاكة الافكار ,
إن كان الرئيس يفكر ويتحدث مثل خميس ويرسل الاتهامات على أشخاص بعينهم جزافا ودون دليل مثل توفيق عكاشة فماذا تنتظرون ,

سيادته - من الاصل - لم يفطن لحجم المصيبة القادمة ولم يتعرض لها ولم يشر إليها من الاساس ,


قواعد الاختلاف المثمر تقضي بأن يمسك الطرفان المتحاوران طرفي خيط واحد ويحاول كل منهم جذب الاخر في اتجاهه ,

إن وصلت لطرف الخيط الاخر او وصل محاورك اليه ولم تلتقيا فاعلم ان كلا منكما يجذب خيطا غير الذي يجذبه خصمه او ان ذات الخيط انقطع .



الخيط انقطع منذ زمن طويل والرئيس وجماعته يتحدثون لبعضهم ويجاملون بعضهم ويصفقون بعضهم ويدافعون عن بعضهم ,

بينما نحن نئن ونصرخ في واد غير ذي زرع , غير واديهم الرحب ذو الموارد ,

فأصبح من المألوف أن ترى في شريط الاخبار خبرا عن إشتباكات بين الاخوان والمواطنين ,

الخبر في صياغته يعكس - ضمنيا - تصنيفا صارخا لا يحتمل السكوت لكنه صار أمرا واقعا له قوة الطبيعة ذاتها لا يمكن تداركه بعد الان .

* * * *

السيد الرئيس في خطابه المهترئ بدا مرتبكا يحاول الإطمئنان إلى جمعه الغفير الذي حشده - دون داعي - للتصفيق في نهاية كل جملة بطريقة مكررة و مستفزة ,
لم يفطن سيادته بينما هو يصرخ على طريقة ( أنا جدع ) بأنه قد يكون خطابه الأخير وأنه مطالب بالنزول من برجه العاجي - الذي تحرسه جماعته - وأن عليه تقديم تنازلات ,
فحتى مبارك اقدم على هذه الخطوة لما أحس بالخطر ,

وانت لم تتعلم ومازلت لم تشعر بالخطر بعد ,

من أين لك بهذا الإطمئنان ?!

التاريخ لايعيد نفسه لكنه يخرج لسانه للأغبياء .

* * * *

لماذا تطالبون بتنازلات بينما انتم ليس أمامك سوانا ,

كانت هذه إحدى الجمل الشهيرة وقت انتخابات الاعادة ,

فما بالكم بالآن ,

اكثر الجمل التي آلمني الضحك منها تقول بأن الاندهاش أمام قفص القرود هو افتقاد لأسس التفكير السليم ,

لماذا يقدم الاخوان تنازلات سياسية بينما هم مستعدون للدفاع عن اركان دولتهم حتى الموت غير مبالين بالعواقب ,

ومن سيُقتَل من المعارضة فقد قتله من أخرجه وهما في النار ,
ومن سيُقتَل منهم فقد قتله من خرج عليه ونحسبه شهيد الاسلام ,

ثم حدثني وقتها عن مصلحة الوطن ودماء الشهداء والاصابع التي سيقطعها رئيس يحلم انصاره أن يكون جائرا .

كيف تحدثني عن المسؤلية السياسية لشفيق ومحمود وجدي عن الدماء بينما يدك ملطخة بمثلها أنت وحكومتك .

آه ,
نسيت انهم بلطجية قتلهم من أخرجهم .


* * * *

عندما قرر المخرج البريطاني ألفريد هيتشكوك ذات مرة الظهور في أحد افلامه

فكان ذلك بأن قام بدور جثة طافية فوق مستنقع لمدة نصف دقيقة ,

قواعد الظهور الشرفي لا تتيح النظر للكاميرا اصلا فما بالك بالحديث الفارغ من المعنى لمدة ثلاث ساعات .

ألم تفطن لدورك في اللعبة حتى الآن ,

سيدي الرئيس ,



أرى دولتك تغرق ,



ومن كثر قوله قل فعله .

الشعب الثائر الحر ,
إليكم القول الفصل ,
نحن بحاجة لنظام حقيقي لنؤيده أو نعارضه بغض النظر عن توجهاته ,
بالاضافة إلى معارضة حقيقية تسعى للإصلاح ,
ما يحدث الان هو تشتيت لجهود الجميع في اللا اتجاه ,
لا تكن أداة يعبروا بها الى جنتك ويلقى بك في جحيمهم ,

تمردوا على الواقع


دمتم في حفظ الله



أحمد حلمي

البحيرة

28 / 6 / 2013

0 التعليقات:

إرسال تعليق