" ﻟﻮ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻘﻒ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓُ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ
ﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ
لكن عاما قد مضى "
لكن عاما قد مضى
وما زال الوجع هو الوجع ,
منذ عام كامل جلست كما اجلس الآن استجدي نوفمبر الحزين أن يتركنا ويرحل , أو على الأقل يتركني لأرحل , لكن كل محاولاتي باءت بالفشل ,
لا أدري هل مر بالتاريخ الإنساني كله شهر يحمل كل هذه الشحنات السلبية مثلما يحمل لنا نوفمبر منذ ثلاث سنوات أم أنها سابقة فريدة من نوعها ,
من كان يعترض على أن التاريخ يخرج لسانه للأغبياء فلينظر لنوفمبر في ثلاث اعوام ,
الغريب أنه يتعاظم ويتمدد ليحتمل المزيد من الموجعات سنة بعد الأخرى ,
عقلي الصغير لا يحتمل فكرة تصور ماذا يمكن ان يحدث لنا في العام المقبل - إذا مر علينا عام أصلا -
" لكن عاما قد مضى
ادركت أن الشعر وهم
والحب وهم
والثورة الحمقاء وهم "
على كل حال
ها أنا ذا أعود لثرثراتي القديمة الجديدة التي حسبتني لن اقربها ثانية ,
حتى أنني نسيت ما كنت أفعله لأكتب ,
لكن الأمر طال واستطال واستراح الاستراحة ,
حتى ظننتني مأموما سجد وفر إمامه هاربا ولا يجرؤ على رفع رأسه ليتبين الأمر ,
ما أعرفه أنني لن أنتظر أن يأتي من يضحك من تلك الوضعية المهينة ,
إما الآن , أو أن أصمت للأبد .
ما يؤرقني الآن ليس ماذا سأكتب أو في أي إتجاه سأوجه سهامي , أو كيف سأتبين موضع قدمي فلا تطأ ألغاما لا أعرف بوجودها فأينما تول وجهك فأنت على كل الصواب وكل الخطأ ,
فلا تبالي
ما يؤرقني هو :
وما جدوى الكتابة من الأساس ؟
السؤال المحبط القادر على هدم كل موجبات الأفعال التي قد تؤدي إلى - مجازا يعني - التغيير .
الحقيقة أننا جيل وصل لدرجة من الاحباط لم يطأها غيرنا حتى اننا صرنا محصنين ضد المزيد منه .
* * * * *
قفز إلى ذهني مشهد من التاريخ يشرح كل شئ
رجاءا دعوا كل المظاهرات والاغتيالات والاعتقالات والانتهاكات جانبا لمدة وجيزة ودعونا نفهم كيف بدأ الأمر
سأتنحى جانبا وأترك هيكل ليحكي
" ﻭﻫﺰ «ﻣﺒﺎﺭﻙ» ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺄﺳﻒ ﻭﻗﺎﻝ:
ــ «ﺍﻵﻥ ﻻ ﻭﻗﺖ ﻋﻨﺪﻯ ﺣﺘﻰ ﻟﻺﺳﻜﻮﺍﺵ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺐﺀ ﺛﻘﻴﻞ، ﻭﻃﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ».
ﻭﺗﻮﻗﻒ «ﻣﺒﺎﺭﻙ» ﻭﺗﺴﺎﺀﻝ:
ــ ﺍﻟﻨﺎﺱ «ﻛﺪﻩ ﻟﻴﻪ»؟ ــ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﻻ ﻃﻠﺒﺎﺕ، ﻳﺤﻔﻈﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﻳﻨﺴﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﺃﻧﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ «ﻣﺘﺨﺎﻧﻘﻴﻦ»، ﻭﻃﻠﺒﺎﺗﻬﻢ ﻣﺘﻌﺎﺭﺿﺔ، ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﺗﺤﻤَّﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ «ﺟﻤﺎﻝ» ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ «ﺃﻧﻮﺭ»؟! ــ ﺃﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﻭﻟﻢ ﺃﻗﺾ ﻓﻰ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺇﻻ ﺷﻬﻮﺭﺍ ــ «ﻃﻠﻌﺖ ﺭﻭﺣﻰ»!!
ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺗﺨﺒﻂ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺻﺨﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ومشاكل تتعلق بالامن والارهاب وتردي الوضع الاقتصادي .
ﻭﻗﺎﻝ «ﻣﺒﺎﺭﻙ» ﻭﻳﺪﺍﻩ ﺗﺴﺒﻘﺎنه ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻗﻮﻟﻪ:
ــ «ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺗﻌﺒﺖ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻠﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ، ﺳﻮﻑ ﺃﺗﺮﻛﻬﺎ ﻟﻬﻢ، ﻭﺃﺳﻠﻢ ﻛﻞ ﺷﻰﺀ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﻭﺃﺗﺮﻙ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ «ﻳﺎﻛﻠﻮﺍ ﻓﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ»، ﻭﺃﺧﻠِّﺺ ﻧﻔﺴﻲ!!».
سيجار يا محمد بيه ؟ "
هنا ينتهي كلام الاستاذ وهو بالمناسبة من حوار غير رسمي دار في العام 1982 ,
ربما يلفت نظرك أن مبارك كان يدخن السيجار الفاخر بينما لم تكن تعلم ذلك ,
لكن ما لم تكن تعلمه أيضا أن مبارك كان يلعب دور الرئيس المدني بحرفية شديدة , كان يدير علاقاتنا مع دولة القوات المسلحة الشقيقة بكفاءة تامة ,
كل ما في الأمر أنه أخفى علينا منذ اللحظة الأولي أهم بنود المعاهدة التاريخية التي تنظم تلك العلاقة التاريخية ,
( الجيش والشعب ايد واحدة )
لا ,
ليست هذه ,
لم أكن أحسبك حسن النية إلى هذه الدرجة ,
هذا ما ظننته أنت عندما رأيت الدبابات تملأ الميادين , ورأيت المجلس العسكري يجتمع ليقرر له الرحيل , ورأيت الفنجري يرفع يده بالتحية العسكرية لمن راح فداء للوطن ,
كل الحكاية انه كان يشعر بالعرفان لمن ارتكز عليهم لوأد مشروع التوريث الذي كانت احجاره تحدث دوامات عنيفة في مياه المجتمع العسكري الهادئة ,
إذا
فليسقط حكم العسكر
ولا هذه ايضا يا صديقي
هذا ما رددته انت عندما خرجت في نوفمبر الاول فلم يعد أغلب من كانوا معك وعدت انت بعاهة نفسية تطلب ثأرا يطول ,
تحمل ضغينة لن تنسى ضد من ظنوا انهم وجدوا طريقا نحو الحكم المطلق إذ خانوك ,
وقتها لم تكن تدرك ان دولة الجيش الشقيقة لا يؤذي مسامعها ذاك الشعار كما ظننت , كل ما هنالك انهم لم يعتادوا الصخب ,
فلتكف عن الصياح إذا .
* * * * *
في قانون انصاف الثورات إذا ضغط مجلس الجنرالات ليرحل الرئيس فوافق مرغما أو عن طيب خاطر فهي ثورة بلا أدنى شك وقد حماها الجيش كذلك ,
أما إذا ضغط نفس ذات المجلس فرفض الرئيس ضغوطه حتى تم خلعه بالقوة فهو انقلاب عسكري كامل الاركان
( وتسلم الأيادي كمان ) .
ظننتها جلية لا تحتاج إيضاحا .
أما فيما يخص الملايين التي ملأت الميادين في الحالتين فلا وزن لها الا انها تعطي غطاءا فحسب ,
من اجاد قراءة مشهد التفويض يفهمني الآن جيدا
( يعني م الآخر بمزاج امه لو الرئيس وافق تبقى ثورة لو رفض يبقى انقلاب وكده كده هايسيبوك تنبح ف صوت اللي جابوك لما يتصافوا مع بعض )
طب يسقط حكم العسكر
ايه ده ,
انت تاني ,
انا مش فهمتك يابني ان الحكاية اكبر من كده
شكلك لسه جديد وهاتتعبني معاك
آه
نسيت انهم لم يطلعونك بعد على اهم بنود المعاهدة التي تجتهد انت لتخمنها تارة اذا مسك الضر وتتجاهلها وتمضي كأن لم تشكو من ضر مسك .
* * * * *
كيف يمكن الشروع في تطبيق حلول لم تتوصل اليها بعد
بل انك لم تتوصل للمشكلة اصلا
هذه دائرة ندور فيها منذ فترة ليست بالقليلة
علاقة الجيش بالحكم
علاقة الجيش بالدولة
علاقة الجيش بالشعب
منذ ان طفت المشكلة الى السطح بعد ان رحل الرئيس العسكري الذي كان يرتدي بدلة لزوم المدنية الشكلية ونحن نفكر
نطرح هباء مفاهيم مستحيلة مادمنا لا نعي الكارثة الاصلية
المشكلة تكمن في انه
احم
احنا مأجرين البلد دي من الجيش
ايوه
بتاعتهم
يجب ان نتعامل من هذا المنطلق
اي محاولة للمقاومة خارج الصندوق تعود بك للنقطة صفر
فتصطدم بعقد الايجار خفي البنود الذي يقودنا بكل اريحية نحو ثورة تصحيح او انقلاب دموي بحسب المكان الذي تقف فيه
يمكنك ان تهتف يسقط حكم العسكر كما يحلو لك لكن العسكر ان لم يحكموا فهم المالكون ,
انظر حولك لتدرك انك بحاجة لتغيير بنود التعاقد لا ان تطرد صاحب العمارة لأنه يقطع المياه بعد الثانية عشر
في هذه الحالة ستجد نفسك خارج اللعبة
فصاحب العمارة لن يتورع عن قتل اولادك وانتهاك اعراض بناتك وضربك بالجزمة اذا لزم الامر
- فهمت هاتعمل ايه
- هاقول يسقط حكم العسكر
- طيب , رد انت يا حسين
* * * * *
الحقيقة أن الدستور المصري الموضوع عام 1971 كان ينظم بكل وضوح اشكالية فراغ منصب رئيس الجمهورية لأي سبب كان ويضع لذلك اختيارات متعددة , لكن بنود المعاهدة التاريخية المترسبة في وعي الرئيس العسكري الاصل ذو البدلة التيد لابيدوس كانت اقوى من اي دستور لاقيمة له يسقط بمجرد ان يقرروا ذلك ,
لذا انفلتت منه تلك الكلمات عند انفعاله ولم يلحظ احدهم وقتها المغزى
لذا ,
لا تجهدوا انفسكم في معارك وهمية مع طواحين الهواء
دمتم في حفظ الله
أحمد حلمي
أسيوط
29 / 11 / 2013
الابيات في مقدمة المقال للصديق الشاعر / محمود عادل غنيم
1 التعليقات:
إرسال تعليق