.................
ألا أيها الأسبوع الطويل ألا انجلي
أقسم أنني لست وحدي من يقول هذا , هناك حالة عامة من الضيق بهذا الاسبوع الثقيل وهي ظاهرة فيزيائية تستحق الدراسة بالمناسبة ,
" لماذا تستطيل اياما وتقصر أخريات "
, كنت أظن الأمر يتعلق بي وحدي فالتزامي بتقديم مقال اسبوعي قد يجعل الاسبوع يطول ويقصر حسب وجود موضوع ملح للكتابة او انعدام وجوده على الترتيب , لكن صدقوني الاسبوع تعطل بالفعل وتوقف كثيرا يوم السبت الماضي حتى ظننت الذي يرعى الأيام ليس بآيب وسيبقى السبت يعيث فسادا في باقي الاسبوع .
*****************
كلما رأيت شهابا ينزوي أقول يا حازم
هناك مرحلة معينة من الانفعال لا يتحمل بعدها الانسان واقعه المرير , قد يحترق جهازه العصبي , قد يأتي بردود أفعال غريبة , قد لا يأتي بردود أفعال على الاطلاق ويصاب بحالة من التبلد ,
هذا ما حدث لي يوم السبت .
يوما ما عندما باغتني السيد الرئيس في آخر أيام الاسبوع - كما حدث بالامس تماما - بحدث يستحق الكتابة شعرت بغصة في حلقي , رأيت الامر مجردا كما لو أنني حانوتيا رزقه الله بقتيل بعد أيام من انقطاع الرزق .
موضوع الصدمة التي لا تحتمل وموضوع الحانوتي واتهامات بالرقص فوق الجثث كانت تدفعني وبقوة نحو الاعتذار نهائيا عن الكتابة او مؤقتا هذا الاسبوع , أو أن ألجأ الى الحل العبثي وأكتب لكم من تونس وأحكي عن عبقرية البدري وغباء معلول والوعي التكتيكي لحسام غالي لكنني لم ابتلع الدعابة من الاساس فقررت العدول عن ذلك .
بين كل هذه الصراعات رأيتك يا حازم .
حازم ذو الست سنوات الذي كان يحفظ جزءا من القرآن , كان يذهب للصيدلية ليبتاع قرص مسكن لجدته فلا يجدني فيعود أدراجه ليقول لها " عمو أحمد مش هناك "
حازم الذي راح ضحية الشبح المسمى بالاهمال في آخر جمعة من شهر رمضان وترك
والده غير مصدق إلى الآن ووالدته في حالة ذهول مستمر جده مازالت حالته النفسية تسوء كل جمعة فيضرب عن الطعام وجدته في حالة بكاء متواصل وانا بدوري لا أجرؤ ان امر من أمام بيته لسبب بسيط جدا
لا احب ان يرى احد دموعي التي لا اضمن حبسها ان رأيت احدا ممن ذكرت .
كتبت عن حازم في مقالي العاشر فمن يذكره؟
حازم توفى قبل دخوله المدرسة بأسبوعين تقريبا
, للحظة انتبهت وأنا أكتب على صفحتي الشخصية أن الخطأ الاكبر الذي تستطيع الامساك به وبوضوح سيكون خطأنا نحن متمثلا في السؤال التالي :
لماذا تأتي بأطفال الى العالم وانت تعرف انك لا تستطيع حمايتهم من الاهمال ؟
انتبهت ايضا الى حقائق مهمة ان بكاء والدتك على ملابس المدرسة الخاصة -التي لم يشأ ربك ان ترتديها يا حازم - لا معنى له يجدر بها ان تفرح الان في النهاية الموت هو الموت والفقد هو الفقد لكنك على الاقل لم تتألم لم تسحق لم تُجمع اشلاءا من على القضبان لقد رزقك الله بنزيف هادئ سلب منك عصارة الحياة ببطء حتى لم تعد بيننا فجأة ودون ان نشعر , لابد وأن ابيك ياحازم كان يسجد شكرا أنك لم تذهب الى المدرسة فتسقط أمام قطار او تغرق في النيل او تسقط من الطابق السادس .
لابد انه حمد الله حمدا كثيرا عندما رأى كراسات اقرانك ملقاة حول قطار ملوث بدمائهم تتناثر اشلاؤهم بين الاحجار .
لابد ان جدك الان اطمأن لأنه رآك في ساعاتك الاخيرة اطمأن لأنه يعرف انك ترقد الان سليما قطعة واحدة .
لابد وأن عائلتك الآن يا حازم لاتشعر بذنب كبير كالذي تشعر به خمسون اسرة اذنبت في حق ابنائها واتت بهم الى هذه الحياة ليلقوا تلك الموتة الشنيعة فلترقد في سلام الآن يا صغيري فأنت الاوفر حظا .
صدقني يا حازم لم تكن ستحب الحياة بيننا كثيرا , انا وابيك واعمامك نزعم اننا نصبر على مانحن فيه لأننا نأمل أنها ستتعدل يوما ما ندعي انها بلادنا وان جارت علينا عزيزة لكننا والله لو وجدنا فرصة للهجرة لهاجرنا من الأمس الى أي دولة تعاملنا وتعامل ابناءنا معاملة آدمية .
اعرف يا حازم انك كنت ستعترض كعادتك وترفض ان تذهب للمدرسة لو رأيت ما حدث يوم السبت الاسود كما سيفعل ثمانية عشر من اقرانك رأوا الموت بأعينهم واصيبوا جميعا بعاهات نفسية مستديمة ستصحبهم مدى الحياة لن يذهب احدهم للمدرسة لن يركب اي منهم الحافلة مجددا لن يحتمل ايهم سماع صوت قطار او مشاهدته لقد احترق جهازهم العصبي تماما .
لا أدري يا حازم لماذا يصر الإهمال المصري ان يثبت للعالم انه اقوى واسرع فتكا من اي قوى استعمارية مرت علينا .
الاسبوع الماضي كنا متعاطفين متضامنين مع الاشقاء في غزة الذين كانوا يعانون من ويلات القصف , اعتقد اننا احق بشفقتهم وتعاطفهم الان , حصيلة من ماتوا في ايام القصف بضع وعشرين , كما ذكر د . احمد خالد توفيق نحن قتلنا خمسين طفلا في ثوان معدودة وبأدوات منزلية بسيطة .
لا ادري ايضا يا صغيري لماذا يصر الواقع المصري أن يسخر من اكثر الخيالات جموحا ويخرج له لسانه بهذه الطريقة ,
الاسبوع الماضي كنت اقرأ رواية مؤلمة حد البكاء عنوانها قريب من عنوان هذه الفقرة لكني بعدما رأيت ماحدث وجدتها سخيفة مفتعلة
صغيري
لم انسك ابدا
فكلما رأيت شهابا ينزوي أقول ياحازم
**********************
كيف تفكر سيدي الرئيس
او بالاحرى كيف يفكر من يفكر لك
لا أدري
وليتني اعرف حتى استريح
ما حدث بالامس فاق قدرتي على الفهم وفاق قدرة الجميع , فقط انقسمنا الى مؤيدين ذهبوا للقيام بفعل التأييد قبل حتى ان يعرفوا فحوى ما سيؤيدونه مؤيدين آخرين أيدوا فور علمهم بما اقدمت عليه دونما ادنى فهم
هناك على الجانب الاخر احتشد المعارضون لرفض اي شئ كإجراء احترازي مناوئ لما اتخذه القسم الاول وهناك من عارض فقط لتعارض مصالحهم او هيبتهم ايضا دونما فهم .
يجمعنا جميعا صراع داخلي يشتتنا بين ما تفعل وما نريد بين الغاية والوسيلة والتطبيق .
سيدي الرئيس اول مقال كتبته كان قبل ان تأتي سيادتك الى سدة الحكم رغما عني , كنت اتحدث تحت تأثير بيان اصدره المجلس العسكري يشبه ما اصدرته سيادتك الان .
للأسف المقال ضاع لكني اشعر الان بحافز قوي لكتابته مرة اخرى فقط مع استبدال شاغلي المناصب حسب التعديلات الاخيرة .
سيدي الرئيس للأسف لم يتغير شئ ولم تأت بجديد يؤسفني ان اقول لك ان المخلوع لم يكن يجرؤ على الاتيان بما فعلته بالامس , قل لي بالله عليك هل لمادة تقول ان قراراتك لا يجوز الطعن عليها من اي جهة قضائية معنى اخر انها تخالف القانون والدستور والشرعية
هل لمادة تحصن مجلس الشورى والتأسيسية من رقابة الدستورية العليا معنى آخر سوى انك تصر على وجودهما رغم علمك انهما بنيتا على باطل
ما معني اصدار قرار رئاسي بإنقضاء الدعاوي المرفوعة ضد قراراتك .( مش فاهمها معلش فهمني )
سيادة الرئيس
تحية طيبة وبعد
حضرتك (كده بتعك)
لا تلبس قراراتك الدكتاتورية الفاضحة ثوبا ثوريا
لم نعد شعبك الحبيب الطيب المهاود
سيدي الرئيس
أنا حقا اعترض
خالص تحياتي
وشكرا
******************
الشعب الثائر الحر
استعدوا لثورة جديدة
دمتم في حفظ الله
أحمد حلمي
أسيوط
23 / 11 /2012
0 التعليقات:
إرسال تعليق