المجد للاوراق

هناك - أو كما أظن أنا أنه لابد وأن يكون هناك - مدارس لاختيار العناوين - عناوين أي شئ - مثلا لابد وأن هناك مدرسة تدعي أن العنوان لابد أن يكون مشوق ولابد أن هناك أخرى تزعم أن العنوان لابد وأن يكون غامض أو فاضح أو موحي أو صادم ; أنا اتبع مدرسة تقول ببساطة أن العنوان لابد وأن يكون عنوان. سمعت سؤالا يتردد بعد أن وضعت نقطة إيذانا مني بإنتهاء الموضوع يقول : ما هذا التعريف الوافي ; لو انك ألمحت لما تقصد ولم تسهب كل هذا الاسهاب لكان خير لك ولنا . أقول لك عزيزي السائل أن العنوان عندي لابد وأن يكون معبرا عن المقال وفي نفس الوقت عما لم استطع قوله في المقال . لماذا كل هذه المقدمة عن العنوان لأن المقال كان بعنوان : " دستور سبارتكوس الأخير " لكني عدلت عن ذلك حقنا للدماء ******************** حكى عبد الرحمن الابنودي في كتابه " أيامي الحلوة " عن ديوانه الأول كيف جمعه وراجعه ونقحه ثم كتبه بخط يده في كشكول واحد ووضعه بين كتبه الدراسية ثم خرج ليفعل شيئا ما خارج الدار فعاد ليجد الديوان بين يدي والده يقلب في صفحاته , وقف يراقب المشهد من بعيد لايجسر على الاقتراب ولا يقدر على أن يعود أدراجه دون أن يعرف عواقب فعلته الشنيعة - من وجه نظر والده من قرأ الكتاب سيعرف لماذا - وبعد أن انتهى الوالد من القراءة كانت قد ارتسمت كل علامات الضيق على وجهه ثم قال استغفر الله العظيم ومزق الديوان شر ممزق . ما اثار حيرتي وقتها أن الرجل أبدى حزنه على ضياع ديوانه الاول وكأن غيره من كتبه كانت الفكرة التي راودتني هي أليس هو من كتبه فليكتبه مرة أخرى . عندما اكتشفت ضياع مقالي الاول في ظروف فيسبوكية غامضة تذكرت هذه القصة وتذكرت هذه الفكرة وابتسمت وانا ادرك مدى سذاجتها واستحالة تنفيذها . قال لي صديقي محمد عبد الظاهر بعد محاولات مستميته لاسترجاع المقال الضائع أنه يحتفظ بكتاباته على جهاز الكمبيوتر الخاص به وهي معرضة للضياع أيضا لكن بصورة اقل من الانترنت أضاف أنه فيما يبدو أنه لا توجد وسيلة آمنة للإحتفاظ بالاعمال الادبية سوى الاوراق البدائية . أقول له ما رأيك الان فيما حدث لخالك عبد الرحمن . ******************* من قالوا لا في وجه من قالوا نعم ............. كده تمشي على ما اعتقد ان القراء لن يحتملوا اسبوعا آخر اتكلم فيه بما يشبه الالغاز مخاطبا أناس - هم الاقرب الى قلبي - لايعرفونهم لذا فهذا الشطر من قصيدة لأمل دنقل يحقق المعادلة ويخاطب الجميع ندخل في الموضوع تمخض الجبل فولد نملة لا ليس فأرا مسودة الدستور بشكلها الحالي اصغر من ان تشبه بفأر انا لا اصدق أن مائة شخص من الصفوة اجتمعوا لمدة قاربت الثلاثة أشهر ليخرج لنا هذا الكائن المشوه ثم ان الطامة الكبرى أن هناك ما يسمى بلجنة الصياغة - هناك نقطة فوق العين فصارت غين منعا للخلط ولو ان هذا ماحدث حرفيا - بمعنى انه فوق المائة شخص هناك ايضا من صاغ . يا صلاة النبي أحسن أكاد أجزم أنه لا يجرؤ طالب في المرحلة الاعدادية أن يقدم موضوع تعبير لمدرس اللغة العربية - في ظل تردي مستوى التعليم - بهذه الركاكة . بغض النظر عن المادة الثانية وموضوع الشريعة وباب الحريات والمصائب التي يحتويها سأذكر لكم نص مادة تموت من الضحك " يحظر عمل الاطفال دون سن الدراسة الا في الاعمال المناسبة " ألم يتبادر الى ذهن اي واحد من المائة السؤال البديهي الذي سأله كل من قرأ هذه العبارة ماهي العمال المناسبة ومن يحددها ولماذا الاستثناء من الاساس وعندك من ده كتير أسوأ كوابيسي الان هو أن اصحو لأجد أن هذا الكائن المشوه تم تمريره وصار دستورا يحكم مثله مثل أشياء كثيرة كان يرفضها العقل والمنطق وكادت ان تصبح واقع لولا ان ربنا ستر او مثل أشياء اخرى كان يرفضها العقل والمنطق واصبحت واقع بالفعل . حكى هيكل - وهو أحد عشاق الاوراق بالمناسبة - أن الراحل محمود السعدني حضر لمكتبه ذات يوم دون سابق موعد وطلب مقابلته وألح في طلبه مؤكدا انه لن يأخذ من وقته أكثر من خمس دقائق فحسب وعندما دخل عليه قال بصوت خفيض مصيبة فظهرت أمارات الاستغراب على وجه هيكل فأضاف موضحا انه آت من عند الرئيس السابق فقال هيكل وما المصيبة في ذلك فقال انهم جلسوا لمدة ساعتين ضحك وهزار ونكت ولما هممت بالانصراف نظرت للكرسي الذي كان يجلس عليه الرجل وقلت له ما إحساسك وأنت تجلس على كرسي جلس عليه ملوك ورؤساء عظام فكان رده عجبك الكرسي تحب تاخده معاك لم يرى من الكرسي سوى انه كرسي ولم يفهم الاشارة فقال له هيكل العيب فيك انت , لماذا افترضت ان الرئيس لابد وان يكون عالم بالمجاز والتورية في اللغة يقول هيكل وكان رد السعدني لفظا واحدا لا يجوز نشره هذا ما جال بخاطري عندما قرأت المسودة هيكل حكى هذا الموقف بالمناسبة ليستدل به على ضيق افق رجل حكمنا لثلاثة عقود لا أدري لاي سبب اختاروا مائة من ذوي الآفاق موحدة المقاس ليكتبوا لنا دستور سيحكمنا للأبد نهايته المجد للأوراق التي قيل فيها لا. المجد لمن قال لا دمتم في حفظ الله . . . . أحمد حلمي البحيرة 2/11/2012

0 التعليقات:

إرسال تعليق