متتالية - قصة قصيرة

بداية



كان يمقت كل البدايات الجديدة بقدر كرهه للنهايات الموجعة ,

ود لو أن فصول واقعه تصير كأحلامه , تبدأ كلها من المنتصف متجاوزة كل البدايات السخيفة ,

يجيد السباحة لكنه يكره الشواطئ ,

اضطره ذلك للتعايش مع كل تفاصيل حياته التي يود أن يستبدلها بأخرى جديدة ,

تجاهل كل ما برق حوله لمجرد انه يحتاج فقط لبداية كي يقترب ,



" في البدء كانت الكلمة "



يمكنه أن يتكلم ليوم يبعثون لكن ليس في البدء ,

تبا ,



لماذا لم يكن ذلك في المنتصف ,



هكذا كان يحدث نفسه كلما احتاج لبادئة ,



حتى جاء اليوم الذي ملت فيه الصمت ,

فكانت هي البادئة ,

يومها , احب كل الشواطئ وود لو يبقى في بداية ابدية لا يبرحها



........



منتصف





يقف في منتصف حياته - أو هكذا يظن - ممسكا بنهايات كل الخيوط التي تقطعت بداياتها تباعا أو اوشكت ,

يدرك - عندما يحاول أن يتشبث بها كي يجد الطريق , يبصر الدرب , يتحسس الخطو أو يستطلع وجهته - بأنه صار - بلا أدنى مواربة - قابضا على العدم ,

يبحث عنهم ,

كل من تقاطعت دروبهم بدربه فأنارها ورحل , فارتحلوا ,

تتراءى له أطيافهم ,

يرفع يده ,

يشير نحو اللاشئ , يجاهد كي يول فارا في أي إتجاه آخر فلا يستطيع ,

يتمنى لو أنه في بداية أي شئ جديد غير ما أفنى فيه نصف عمره - أو هكذا يظن -

يستسلم مجهدا لطريقه الذي رُسم سلفا كي ينتهي بعد منتصف عمره بخطوتين ...

أو هكذا كان يظن انه المنتصف .



.........



نهاية



لو أن حياته كانت آلة ميكانيكية فهناك حتما ترسا كبيرا منها قد فُقِد , وهو ما اورثه عدم اتساق قاتل في وظائفه الانسانية ,

لايدري كيف أمكنه احتمال الامر حتى الان ,

كيف له ان يرى تلك الهالة التي طالما احاطهم بها قد احيطوا بها الان من الجميع بينما يقف هو غير بعيد ليشاهد الحدث الذي طالما تمناه - ربما اكثر منهم - يتجاوزه ببطء مؤرق غير عابئ بوجوده ,

ربما هي متلازمة عدم تصديق ان الحياة ستمضي حتما بعد رحيلنا ولن تنتظر ولن تتوقف ولن يهتز لها اي طرف ,

هذا اقرب شئ لما هو فيه الان ,

وكان ليتقبله راضيا فقط لو فهم ,

كيف تم قتله بكل هذا التهذيب والطمأنينة وراحة الضمير



أحمد حلمي

ابريل 2014

0 التعليقات:

إرسال تعليق