0 التعليقات

حلوة بلاد الثورة ؟



هناك علامة استفهام تذيل العنوان بالمناسبة , ولكن دعونا ننعش ذاكرتنا قليلا ,
هذه محاولة لكتابة مقال متعدد الأجزاء رغم أنها كانت مجرد وسيلة فرضتها ظروف استهلاك مساحة النشر - التي وضعتها لنفسي - قبل عرض كامل الفكرة , إلا انها بدت كنوع من التغيير , كنا نتحدث عن تحولات تدير الرؤوس اصابت المجتمع في شريحته الأهم وما أدى إليه ذلك ,
ولأخذ العلم ,
قصة إنسان الاريكة المبجل محض قصة رمزية لا تشير بالتحديد الا لأحداث في خيالي أنا وأي تشابه أو تعارض مع الواقع لايمكنكم لومي عليه .
وبعد أن وقفنا على أرض صلبة , لنكمل إذا .

**************

ماذا حدث للمصريين

في كتابه بنفس هذا العنوان حاول د . جلال أمين أن يجيب عن تساؤل مفاداه ماذا تغير في المجتمع المصري خلال نصف قرن , ظل الكتاب صامدا يجيب عن ذات السؤال لأزمان طويلة تالية لوقت كتابته حتى ظننته يحمل معجزة ما ,
الكتاب الذي تبنى نظرية الحراك الاجتماعي يتداعى الآن أمام أحداث غير مفهومة ,
إتفقنا أن الثورات أحداث استثنائية , لذا فالتغيرات الحادثة تقع خارج هذا النطاق ,
كنت استمع لقصيدة المانيفستو لمصطفى ابراهيم وبدت لي مؤثرة جدا إلا انها أضاءت لي منطقة كنت غافلا عن وجودها ودفعتني للبحث في أصل العنوان الغريب , وجدت مقال طويل في احد المنتديات يشرح باستفاضة تاريخ اللفظة فاقتطعت منه هذه الفقرة ,

* * *
ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1550، ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻔﻈﺔ "ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ" ﻣﻌﺎﻥ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﻣﺤﺪﺩﺓ ﺑﺎﺧﺘﻼ‌ﻑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ. ﻓﻔﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﺍُﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻟﻮﺻﻒ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺤﻤﻮﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ (ﻋﻨﺪ ﻏﻮﺩﻳﻔﺮﻱ)! ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻻ‌ﺕ ﺃﺧﺮﻯ، ﻟﻮﺻﻒ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺨﺠﻞ (ﻋﻨﺪ ﻛﻮﺗﻐﺮﺍﻑ). ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹ‌ﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ، ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺤﻮﻻ‌ﺕ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ، ﻭﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷ‌ﺻﻞ ﺍﻟﻼ‌ﺗﻴﻨﻲ (ﻣﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮﺱ)، ﻛﺪﻻ‌ﻟﺔ ﻋﻠﻰ "ﻣﺎ ﺻُﻨﻊ ﺑﺎﻟﻴﺪ"، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ "ﻛُﺸﻒَ ﻛﺬﺑﻪ ﻭﺧﺪﺍﻋﻪ".

ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1575، ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﻛﻠﻤﺔ "ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ" ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺘﺠﺪﺩﺍ ﻣُﻘﺘَﺒﺴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹ‌ﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍُﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻠﺪﻻ‌ﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ "ﻭﺭﻗﺔ ﻃﺎﺋﺮﺓ، ﻣﺨﻄﻮﻁ، ﺃﻭ ﻣﻨﺸﻮﺭ ﻳُﻌﻠّﻖ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻜﺸﻒ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ". ﻣﻦ ﺧﻼ‌ﻝ ﺍﻻ‌ﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻹ‌ﻳﻄﺎﻟﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ، ﺃﻣﺴﻰ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ ﺭﻣﺰﺍ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻴﺎﻥ، ﺧﻄﺎﺏ، ﺇﻋﻼ‌ﻥ ﻋﺎﻡ، ﻳﺼﺪﺭﻩ ﺃﺣﺪ ﺍﻷ‌ﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ، ﺃﻭ ﺩﻭﻟﺔ ﺫﺍﺕ ﺳﻴﺎﺩﺓ، ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺷﺨﺺ ﺃﻭ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺷﺨﺎﺹ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺣﻀﻮﺭﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.
ﺫﺍﻉ ﺍﻻ‌ﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﺎﻧﻴﻔﺴﺘﻮ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﻭﺗﻜﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻻ‌ﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﻼ‌ﺣﻘﻴﻦ، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺪﻻ‌ﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ (ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻣﻌﺠﻤﻲ ﻟﻴﺘﺮﻱ ﻭﻻ‌ﺭﻭﺱ...).
* * *
أظن واضح
المهم أن القصيدة تعتبر بيانا ارشاديا لطريقة تنظيم مظاهرة ناجحة فعالة مثمرة استخدم الشاعر فيها الفاظا تدل على تلذذه واستمتاعه بوصف الحالة وتمني دوامها , هذا ما شعرت به وتمنيت الا يكون صحيحا ,
***************

" أمازلتم في حاجة إلى توضيح "
د . يوسف زيدان
أذكر أنني قرأت روايته الأشهر عزازيل في العام 2010 الرواية على روعتها طبعت في ذهني مشهد مأسوي منها لم تفلح الأيام أن تمحيه , يحكي المؤلف أنه قبل خمس سنوات عندما صدرت الرواية تلقى العديد من التساؤلات عن معنى لفظة السحل الواردة في مشهد قتل هيباتيا في الرواية المذكورة رغم أن المعنى يظهر جليا خلال السياق إلا أن د . يوسف زيدان يرد بعد خمس سنوات قائلا : " أمازلتم بحاجة لتوضيح
افتحوا التلفاز إذا " .
الحقيقة أن مقولته جعلتني أعود للرواية مرة أخرى , قرأت الفصل الذي يحكي المشهد الذي هزني حد البكاء قبلا عدة مرات ,
لم يهتز لي جفن ,
لم أره مفجعا حتى ,
لم أفهم رد فعلي السابق منه ,
فهمت معنى لفظة السحل ,
وفقدت إحساسي بالالم كذلك .
اكتشفت انه لم يتم بيعي فحسب , لقد تم انتهاك معنوياتي كذلك .
هذه مكتسبات ثورة عظيمة كما ترون بلا شك .

****************
.
الجمعة الماضية تحمل حدثا يدور في نفس الفلك
سأحكي الواقعة كمثال فقط وليس كموقف سياسي يحتمل الجدل ,
دعوة للتظاهر أمام مقر مكتب الارشاد , رغم اعتراضي على الفكرة واعتراضي على اعطاء المكان قيمة سياسية اكبر من حجمه الا ان رد الفعل الاخر يحمل من الغباء ما يجعلني اوقن انهم لا يبغون من الاقتتال خلاصا ,
ماذا كان يضيرك لو اخليت المبنى من الافراد والحرس والمستندات وتركته ليهدمونه على اسوأ الفروض , وربحت انت موقف المترفع عن اراقة الدم ,
ما حدث ان الشباب المتحمس للدفاع عن مبنى خال من اي شئ تم الاعتداء عليهم بلا رحمة ,
سيبك انت ,
المهم المقر بخير

************
الخلاصة أن مرأى الدم صار شيئا عاديا لدى جموع المصريين والاغاني التي كانت تدمي الاعين بصور الشهداء صارت مصدر بهجة والاشعار التي كانت تكتب تحت تأثير حالة الثورة صارت مصدر رزق , والمقاطعة صارت موضة قديمة والقرض اصبح مصاريف ادارية والنشاط الدعوي اصبح جهادا والقصاص صار تمسكا بأصول اسقطتها الدواعي بلا داعي
ذكرت في مقال سابق ان الاحداث في مصر تسير وفق منحنى جيبي - ( حاجة كده شبه القبة بس ماتحتهاش شيخ ولا حاجة ) - بمعنى انها مابين الصعود والهبوط فيمكنك توقع التالي حسب موقعك الا انني كنت متفائلا جدا لأنه اتضح لي ان الامر لا يزيد عن حالة (دهولة) عامة ولا احد يمكنه توقع الخطوة القادمة ولا حتى الرئيس نفسه
بلاد الثورة لم تعد حلوة ولا حاجة والنكتة اصبحت غير مضحكة , وباسم صار (دمه تقيل)
كلاكيت عاشر مرة هاقول
ثم دارت اللمونة دورة كاملة ثم داخت
ثم ان الناس لامونا ثم ان الثورة باخت .

دمتم في حفظ الله

أحمد حلمي

أسيوط

29 / 3 / 2013

0 التعليقات

حلوة بلاد الثورة



كانت ملاذه الآمن ..

يراها تصلح لكل شئ ..

يجلس ليتابع التلفاز بينما أريكته الحبيبة تتغير وظيفتها بين غرفة طعام وغرفة معيشة ومقعد و

سرير

أخذته غفوة ذات يوم وهو جالس جلسته المعتادة فصحا من نومه ليجد الصالون وقد امتلأ بغرباء ,

توقع ان يجد والده بينهم فيرسل له نظرة مستفهمة فيهتف بحماس أن الاستاذ محمد الششماوي قد اتى من السنبلاوين بعائلته ليرانا ويرحل ,
لكنه لم يكن موجودا بينهم ,
فاحتار حقا في ما يجب أن يفعله .

اكتشف من سير الحديث حوله انه للأسف نام لمدة سنتين وصحا ليجد والده قد باع الشقة بمحتوياتها بما فيها سيادته نائما على احدى الارائك .

وفيما هو متظاهرا بمواصلة النوم بدأ يفند الاحتمالات فقال محدثا نفسه

أمامك الآن خيرات محدودة

أولا :

( وده أسهل حل )

أن تقوم ململما شتات نفسك من فوق وتحت أريكتك وترحل فهذه لم تعد دارك بأي حال من الأحوال .

ثانيا :

( وده حل محتاج صبر وطولة بال شوية )

ان تذهب لمحامي محترم شريطة الا يكون قريبا للسكان الجدد وتدفع له دم قلبك وتأخذ حكم - أو ماتاخدش - بطردهم من شقتك , لكن وقتها لن تتمكن من النوم مرة اخرى لأن الشقة تحتاج للكثير من الترتيب .

الحل التالث :

( وده حل محتاج طول نفس شويتين بالاضافة لشوية حاجات تانية )

انك تقوم تضرب العشرين واحد اللي ساكنين دول علقة موت وتطردهم من بيتك - على اعتبار انك فان دام في فيلم هندي - وبعدها مش هاتنام لانك محتاج ترتيب البيت بعد الفوضى التي سببها هؤلاء الهمج وتحتاج أيضا لأن تأخذ حذرك من الهجمات المضادة وهاتفضل مهدد معظم الوقت .

الحل الرابع :

( وده محتاج شوية سلبية لا اظنهم ناقصين لاسمح الله من السوق )

انك تحاول تستحمل سخافة وغلاسة وطمع وجشع وقلة ذوق وقلة ادب وانعدام الكياسة لدى السكان الجدد وتتعايش معاهم , هذا لو تركوك في حالك ياعزيزي .



********************

سفه



الحقيقة أن قطاع عريض من الشباب قبل مايقرب من ثلاثة أعوام من الآن كانوا يعيشون حياة لا معنى لها , وكان مشهد معتاد أن ترى تجمع منهم على أحد المقاهي وقد علا صوتهم لدرجة ملفتة فتقترب لتتبين ماهية الامر لتجدهم يتناقشون حول مدى صحة هدف أبو تريكة في مباراة طلائع الجيش فتنصرف متنهدا - ربما ليس قبل ان تدلو بدلوك في الموضوع بالغ الاهمية و الخطورة - تاركا مناقشة قد تطول لعدة ساعت وتتشعب لتمتد الى مقارنة بين زوجة حازم امام وزوجة شادي محمد - نعم لقد فاتك هذا الجزء لماذا انصرفت - ربما يغير صاحب المقهى المحطة ليأتي لهم بذاك المذيع الزاعق اللاعن لكل شئ الكاره ( للهدوم اللي لابسها ) فكان يتحدث بالصدفة عن بيع الغاز المصري النادر لدولة اسرائيل بلا ثمن ,

يلفت علو صوت الرجل نظر احدهم , يدقق قليلا ليتبين الامر ,

بعد دقيقة من التركيز يخلص لحقيقة خطيرة لايعرفها احد من الجالسين سواه ,

حقيقة تتلخص في كلمتين ,

( البلد باظت )

يعود لأقرانه ,

ينسى كل شئ بعد ربع دقيقة ,

يرفع رأسه بعد وقت ليس بقصير إثر زعقة مدوية ,

يصيح بدوره مغطيا على صوت المذيع ,

( ماتقلب عالراجل ده يامعلم )

ويعود ليسمع باقي النكتة الخارجة التي كان يرويها أحدهم .



*******************



مقاومة





بعد استبعاد الإحتمال الأول لأنه ببساطة ليس لديه مكان ليرحل اليه , قرر إنسان الأريكة المبجل أن يجرب الإحتمال الثاني بالتزامن مع الاحتمال الثالث ,

وقدر أنه مقبل على أيام سوداء لن ينام فيها فنحى أريكته جانبا وقام ليواجه قدره .



اخذت القضية مناحي عدة كان هو استهلك خلالها تماما وادرك انه ليس وحده من أُخذ بيته وتم بيعه مع العفش بلا ثمن ,

قضت المحكمة ببقاء الحال على ماهو عليه مما حدا به وبأمثاله بتصعيد طريقة المقاومة



**********************

ناشطين ونص



الثورات أحداث استثنائية تغير وجه الاوطان للأبد , وتغير الاشخاص كذلك , من كان يهتف ( عمري ماحب غير الاهلي

ولافيه غيره يفرحني ) منذ عامين

اصبح الان يهتف

( م الموت خلاص مابقيتش اخاف )

طمست الثورة على كل ما سخف من القول او الفعل قبلها وادارت العيون والقلوب والعقول نحو ما عظم شأنه وغلى ثمنه واضافت اعمارا لأعمار معاصريها فأصبحوا بين عشية وضحاها بين قوسين

( ناس مهمة )

ومحط انظار العالم ,
من مات منهم صار ايقونة ,

- من ينسى صورة ذاك الرجل الباسم ذو العوينات والشعر الهائج التي تصدرت المشهد وكأنه قام وحده بالثورة -

ومن عاش منهم صار متحدثا رسميا او عضوا في تيار او جماعة او حزب او جبهة ويظهر في اربع قنوات وخمسة صحف كل يومين ليحكي انه رأى الموت ونام على الرصيف في عز البرد بينما انتم جلستم في بيوتكم يا اوغاد تحتسون الدفء والامان ,

لقد صاروا نجوم مجتمع , وكل كلامهم موزون مقفى .

من كان يحلم بهذا .

ومن يريد العودة للفراغ , بعدما ذاق طعم الشهرة والاحساس بالاضواء .

******************



اشتري دماغك ياعم



بعد سنة تقريبا كان كائن الاريكة قد انهك تماما من كثرة الصراخ والسباب والجدال

واكتشف انه ان ظل على وضعه هذا عشر سنوات فلن يأت بجديد ,

فعاد لأريكته , وقرر اللجوء للحل الرابع , التعايش , السلبية , وتفادي الصدام , لقد اسعد شركاؤه الجدد قراره هذا كثيرا وقدروا انهم ( ارتاحوا من زنه ) وبهذا فقد سمحوا له باستعادة اريكته مشكورين شريطة ان يشاهد ما حددوه هم له ويمكنه استخدام دورة المياه في الاوقات التي يحددوها ايضا .

وبهذا انسدل الستار على احدهم وصمت للأبد .



*****************



من صدق النهاية السابقة فهو يشاهد الكثير من الافلام الهندية التي تنتهي نهاية سعيدة دوما بأن يتزوج البطل الفقير من البطلة بنت تاجر الأحجار الكريمة وينتقل ليعيش معها في قصرها المنيف , ماحدث ياسادة مغاير لذلك تماما , لقد وجد اخينا هذا امثاله واخذ في الصراخ الجماعي وعلا صوتهم وسمعهم الناس وظهر في التلفاز كثيرا يحكي روايته الخاصه وكفاحه وكيف انه ( مش واخد راحته في بيته ) بل انه لم يعد بيته من الاساس كان يعود منهكا ليشاهد نفسه في التلفاز فيقدر انه ابلى بلاءا حسنا وسيضيف غدا فصلا جديدا في روايته ,

لاحت في الافق بوادر كثيرة للوفاق , لكنه تجاهلها , لقد احب ذاته الجديدة وكره العودة لأريكته وماعاد يطيق الفراغ .

ربما شجعه اكتشافه أن تجربته اورثته الحكمة بل ايقظت الاديب بداخله وصار يقرض الشعر ,

الحماسي منه على وجه الخصوص .

لا ,

لم يشأ أن يتخل عن كل هذه الرفاهية ,

رفاهية الإحساس بالأهمية .

للحديث بقية ان كان في العمر بقية .....



دمتم في حفظ الله



أحمد حلمي



أسيوط



22/3/2013

0 التعليقات

الثورة الناعمة




على مدار تسعة أشهر حاولت فيها رصد الواقع أو بالأحرى دفعني الواقع دفعا نحو الكتابة خلصت إلى حقيقة لا تقبل الجدل ,

" ما أسهل أن تُحبط القارئ "

قد يبدو الأمر محبطا بالأصل دون تدخل مني لكن أن تصنع محلول مركز من كل الأوضاع المفجعة لتسقيها لقارئ متعطش للقراءة , هذا ليس عدلا , دعك من نظرية ( وانا مالي , ماهي اللي خربانة , وانا بإيدي إيه ) فهذا هروب من المسؤلية ,

الكتابة المحبطة اسهل شئ في الدنيا , لكن كيف ترى النور غير الموجود اصلا , هذا ما حاولت فعله في مقالي السابق , فأخبرني مقياس جودة المقالات الخاص بي أنها محاولة - عدم اللامؤاخذة - بائسة وأتت بنتائج غير مرجوة - بالنسبة لي على الاقل - ربما كان الامر اشبه بعلاج السرطان الذي اكتشفوا اثناء تجربته انه يعيد للشعر الابيض سواده , نتيجة جيدة لكنها غير مرجوة أو غير مقصودة من البداية على كل حال ,

المهم اننا مازلنا في مرحلة العزف المنفرد ,

لست وحدي من يعزف منفردا بالمناسبة ,

لن اتحدث بطريقة خميس - سماه باسم كذلك وهو ليس اسمه - وأجعل الحياة لونها بمبي ,

لكنني سأحاول رفع مستوى النغمة قليلا .



********************


اتجاه نباح الكلاب


البدايات كانت خاطئة لكن دعنا نعترف بالواقع ,

نحن في مشكلة معقدة وعميقة - ودا وصف حنين ومؤدب - أي محاولة للمعارضة أو الاعتراض تقابل بتجاهل او اتهامات بالتخريب وإشاعة الفوضى أو التآمر ,

تشعر بأنك تريد أن تقول بصوت مرتفع :

جنودي خانوا

فأسلمت سيفي

وعدت وحيدا

اجرجر نفسي عند الصباح

وفي القلب وكر لبعض الجراح

لكن هذا غير صحيح ,

هناك سلاح أخير لإيقاف الزحف الغير مقدس ,

دون اعتصامات او تخريب او مظاهرات ,

يمكنك ببساطة ان تتحرى إتجاه نباح الكلاب فهي لا تكذب أبدا .



*********************

كيف ترى النور




ويليام إيرنيست هينيلي



شاعر إنجليزي عاش في القرن السابع عشر وبينما يرقد في فراشه مريضا ينتظر بتر ساقه كتب أبياتا تدعو للتفاؤل وتبعث على الأمل حتى لتشعر أنه مقبل على امتلاك الكون وليس على مرحلة من العجز الإجباري ,

يكفي أن أقول لكم أن القصيدة كانت بعنوان " الذي لا يقهر " الابيات تم ترجمتها من اللاتينية إلى الانجليزية ثم إلى العربية لكنها ظلت تحمل عبر اللغات والازمان طاقة جبارة من الأمل ربما نفتقده الآن بشدة .



********************


عندما يشير خصمك بغباء لنقطة ضعفه


أول حديث للسيد الرئيس بعد توليه السلطة بخصوص الاعلان المكمل الذي اصدره المجلس العسكري ,

قال بالنص هذا اعلان ضد الشرعية ولم يستفت عليه الشعب ,

تم الغاء الاعلان المكمل وآلت سلطة التشريع للرئيس الذي بدوره بعد شهور قليلة اصدر إعلان آخر ,

( واعتبرنا موافقة حضرتك موجودة .. تحصيل حاصل يعني ..

انا وافقت بالنيابة عنك )

لماذا يضيع وقته في استفتاء والنتيجة معروفة .. !

المهم ,
تأمل معي الاولويات الملحة لدى النظام
الاعلان الدستوري بصورة فجة كان يحد من سلطات القضاء ويهمش أحكام المحاكم بكافة درجاتها واختصاصاتها بعد الضربة الموجعة بحل مجلس الشعب , فكان لابد من اعلان واعتصام امام المحاكم لمنع نظر القضايا المهمة التي تتعلق بمصالح الدولة العليا ,

( ودي حاجة مع الشرعية عادي ماتستغربوش )



****************


الذي لا يقهر


بغض النظر عن الليل الغاشم الذي يضمني في كنفه

فقد شكرت الله على إعطائي روحا لا تفنى

وأنا بين مخالب الظروف المهلكة

لم أجفل أو اصرخ عاليا

وتحت ضربات القدر المتتالية

كان رأسي مغطى بالدماء

لكنه لم ينحن

وراء هذا العالم المليئ بالحقد والدموع

تلوح في الافق بارقة أمل

ومع تتابع قهر السنوات

وجدتني ولسوف تجدني لا اهاب اي شئ

لا يهم ان البوابة ضيقة

ولا يهم كم أن اللفافة مليئة بالأحكام

فأنا سيد قدري

وأنا قبطان سفينة روحي


ويليام ايرنست هينيلي
1875


****************



عندما يصبح الاستثناء انجاز فلابد أن تستغله فلن يتكرر كثيرا




الاسبوع الماضي اصدرت محكمة القضاء الاداري حكما بإيقاف الانتخابات وتحويل قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية العليا وهو ما اثار حفيظة أولي الامر واعتبروه توقيفا للمراكب السائره ,

السخيف ان يخرج بيان من رئاسة الجمهورية يقول بأن الانتخابات تم تأجيلها , فتود أن تقول وقتها : ( لا يا راجل , هو بمزاجك ) ,

فتجد الجواب يتردد بداخلك ,

عادي ماهو ممكن يعمل انتخابات ولا يعبر حكم المحكمة واخبط دماغك في الحيط

لقد أصبح احترام الاحكام القضائية هو الاستثناء .



*******************


Invictus


هذا هو عنوان الفيلم

سبب شهرة القصيدة ببساطة هو فيلم يحمل نفس اسمها يحكي قصة حياة نيلسون مانديلا الاستثنائية , القصيدة التي كان يرددها الرجل في محبسه لمدة سبعة وعشرين عاما وخرج بعدها ليحكم جنوب افريقيا ليغير وجه تاريخها الى الافضل بعد سنوات من العنصرية والاضطهاد والاستبعاد ,

إذا تجاوزنا حكاية الناس اللي بتطلع من السجن تحكم دي ,

فإن التجربة ثرية ومفعمة بالامل وموحية كذلك ,

إذا اعتبرنا اننا مازلنا في سجننا الكبير - ودي حقيقة ليست بجديدة - فإنه يمكننا كسر القيد دون كسر زجاج نافذة واحدة .



*******************


المحاكم هي الحل


قال لي صديقي المحامي من فصيلة ( انا مش اخوان بس بحترمهم ) أن القضاء حاليا هو الجهة الوحيدة الخارجة عن السيطرة , ونفس المحكمة الدستورية التي حكمت بحل مجلس الشعب في مدة قياسية ستماطل وتضع القانون في طابور طويل وتأخذ وقتها في فحصه والبت فيه ثم تحدد جلسة بعد خمس ست سنين وعليك بخير يكون ربنا افتكرنا كلنا .

دي وجهة نظر المعسكر الآخر ,

من الآخر ,

الشواهد تقول أن هذا سلاح جديد غير محدود التأثير ,

يمكنك ببساطة عرقلة اي قرار لا يعجبك بهذه الطريقة ..

ما عليك الا ان تصحو مبكرا وتنزل لاقرب مكتب محامي وتتأكد انه ليس من

الفصيل المذكور اعلاه , وتقول له بالنص :
( أنا عايز أروق الإخوان ) وقتها سيأخذك من يدك ويذهب بك لأقرب محكمة ادارية وهناك مش هايقصروا معاك .



المارد يمكن اعادته للقمقم ويمكن احتواء حماقاته بشئ من التعقل ,

خاصة انهم اصبحوا الآن وحدهم تماما ,

بينما يصر السيد الرئيس على الطناش والعزف المنفرد والتغريد خارج السرب .

المواجهات المباشرة والعنف لن تجدي نفعا وسنظل نحارب عشرات السنين بهذه الطريقة ,
ولن نصل الى حل ,
عليكم بثورة ناعمة ,

ارى الفرج قريب ,

دمتم في حفظ الله





أحمد حلمي



أسيوط



15/3/2013

0 التعليقات

كتاب غير ثابت المحتوى


نسبية الحكي
ككل شئ غير ثابت - تقريبا - هذا كتاب يثبت عمليا خطأ الخواجة اينشتاين بخصوص عدم احتواء نظريته بندا ينص على نسبية العمل الادبي بين القارئ والمؤلف والابطال , هل مرت بأحدكم عبارة " عيد غير ثابت التاريخ " من قبل - هذا عنوان مجموعة قصصية لأرنست همنجواي بالمناسبة - عندما قرأتها للمرة الأولى أثارت ضحكاتي ثم دهشتي منها عندما اكتشفت حقيقة وجود أعياد تتحرك بين الايام .
كتابنا يسير على نفس المنوال عسير التصديق لكنه موجود على كل حال , وواقعي بالمناسبة ,
هذا كتاب غير ثابت المحتوى , غير ثابت الواقع , غير ثابت الاحداث , غير ثابت الحقائق , فقط هو ثابت الزمان , ثابت المكان , ثابت المؤلف , لابد من أشياء لنرتكز عليها والا ضاع كل شئ .

****************************************
توطئة

يبدو انني دخلت في الموضوع مباشرة دون ان نضع خطوطا عريضة لنفهم كل شئ ,
مرحبا بكم مجددا ,
هذا انا في ثوبي الجديد القديم ,
هذا انتم مازلتم تقرأون لي - لحسن الحظ -
هذه سلسلة " كتاب قرأته " القديمة والتي يعرف بها القليلون .
هناك اتفاق عام ان نرتاح ولو قليلا من السياسة ,
لمن لا يعرف
السلسلة بدأت منذ حوالي اربعة سنوات بقراءة نقدية لرواية " يوتوبيا " ل د . أحمد خالد توفيق ثم اتبعتها بأخرى لرواية " ملائكة وشياطين " ل دان براون ثم أخيرا كتاب " ماذا حدث للمصريين " ل د . جلال أمين ثم غرقت في غمار المقالات السياسية الاسبوعية حتى ابتلعتني وكنت اظنني لن اجد منها فكاكا .
عندما قررت الفرار لم اجد إلا رواية " السنجة " ل د . أحمد خالد توفيق لأهرب إليها لأسباب تتعلق بالاعتياد والالفة وقربها من الواقع الذي غادرته توا ,
اظن ان المقال الآن أصبح ثابت التاريخ والجغرافيا , اتمنى ان تنال السلسلة القديمة الجديدة اعجابكم .
*********************************
توصيف وتصنيف

الكتاب عبارة عن رواية من الحجم المتوسط - 266 صفحة - صدرت في اكتوبر 2012 عن دار بلومزبري القطرية - ودا عادي ماتستغربوش لأن سوق النشر المصري واقف ولازم دلوقتي تدفع لدار النشر عشان تنشرلك -
الرواية من حيث التصنيف من الممكن ان نلصقها بشئ من سعة الافق الى عالم الادب الواقعي او من الممكن ان تكتب على غلافها " مأخوذ عن احداث حقيقية " في حين أن المؤلف حاول أن يوحي لنا عن طريق غلافه الاخير بأننا بصدد رواية بوليسية وأن يحصر عقولنا في إطار البحث عن قاتل مجهول وهو مالم يحدث اطلاقا هذه ابعد ما يكون عن ذلك , ربما كانت رحلة بحث عن وطن , وهو إن كان عمل بطولي فإنه ليس بوليسيا .
هذه هي الرواية الثانية للمؤلف خارج اطار السلاسل الدورية بعد يوتوبيا .
الرابط بينهما انه إن كانت يوتوبيا تحمل تصور لمستقبل مصر المظلم فإن السنجة تحمل تصور لواقع مصر الحزين حاليا او هي محاولة لرصد الواقع في مرحلة ما مهمة من تاريخ الوطن .
الرواية لازالت جديدة في السوق ولم يقرأها الكثيرين لذا سأحاول عرضها دون حرق الاحداث ,
مهلا ,
انا لا اصدق ,
أنا اكتب عن كتاب مجددا ,
مرحى ,
اذا سأكرر جملتي الخالدة ,
الكتابة عن كتاب عبارة عن عالم رائع ينقل اليه الكاتب قارئه الذي لم يحظ - بعد - بمعرفة كتاب قيم آخر .
انا انتمي الى هنا .

**************************************
الرجل الذي فقد ثورته

هذا تنويع ساخر على
العنوان الاصلي الشهير لفيلم سنيمائي بعنوان " الرجل الذي فقد ظله " المأخوذ عن رواية لفتحي غانم بنفس العنوان , الرواية صدرت في عدة اجزاء يحكي كل جزء منها ذات الاحداث ولكن من وجهة نظر مختلفة في كل مرة , في كل مرة يتغير الراوي , في كل مرة بطل جديد ,
ما حدث في روايتنا هو شئ مماثل ولكن في رواية واحدة رواية واحدة متعددة الابطال يحكي كل منهم الاحداث من وجهة نظره وعليك انت تجميع الخيوط وتبين الحقيقة لأن هناك تباين في الروايات
اتفقنا على نظرية المحتوى النسبي المتغير
الكتاب يحمل تقنية غير معتادة في الحكي - اعجبتني انا شخصيا - تجعلك انت حاضرا بذهنك طول صفحات الرواية تجمع وترتب وتفند وتقارن الروايات وتحلل الاحداث .
هناك فراغات تركها المؤلف عمدا لتتجول انت فيها بحرية.
المؤلف ذاته يذكر عيوب ذلك - بخبث - في روايته فيقول عندما تظفر بعدة رواة لذات الحدث فإنك تحصل على مايشبه لعبة امريكية اسمها الهاتف الصيني حيث يحكي اللاعب الاول قصة ما همسا للاعب الثاني فيحكيها همسا للثالث فالرابع فالسابع فالعاشر ويحكيها اللاعب الاخير علنا فيكتشف الجميع انها قصة مختلفة تماما لم يحكها اي منهم ,
هذا ما حدث تقريبا ,
ما علاقة ذلك بالثورة ؟
الاجابة ببساطة انهم يروون تلك الحقبة منذ نهاية 2010 وبداية 2011 .
المؤلف يقول في مقدمة روايته ان كل محاولات كتابة رواية عن الثورة المصرية باءت بالفشل لأن الواقع يغير وجهته كل ثلاث دقائق تقريبا ربما لو غبت عن الوعي لمدة يومين متتاليين ستعود غير فاهم ولا مدرك لأي شئ فيصبح العمل بعد سنة لا معنى له , ربما لهذا السبب لجأ لرواة متعددين ,
هذه حيلة جيدة من المؤلف للهروب من معضلة الكتابة عن واقع غير ثابت الاتجاه .

*********************************
المحتوى الروائي

على غرار مكندو والاماكن التي ليس لها وجود الا في عقل المؤلف الرواية تحكي عن منطقة عشوائية ملاصقة لقضبان السكة الحديد - في الغالب هي البطل الحقيقي - ليس لها وجود في ارض الواقع يحاول كاتب روائي فاشل ان يندمج بين اهلها ليقدم عمل روائي عن بيئة غير مطروقة ليفاجأ بازدراء ذاك العالم له وعدم قبوله بينهم ,
المنطقة العشوائية تلخص كل مصائب مصر بطريقة او بأخرى ستجد بينهم الموظف البائس ,البلطجي ,تاجر المخدرات , المريض النفسي , فتاة الليل , والخريج الذي أُغلقت كل الابواب في وجهه , الشاب الغارق في الادمان , الفتاة التي تعمل في خمس وظائف تقريبا , الرجل الذي يعيش في الكابوس او يحلم بالواقع لا تعرف تحديدا ,
ذات الحياة الكئيبة الرتيبة المملة , ذات الوضع الموشك على الانفجار , ذات الايام القاتمة اللون التي تميز السلوك البشري لمجموعة من المساجين , حتى لتشعر ان الجميع موشك على قتل الجميع انتقاما من شئ لا يعرفون كنهه , هناك كائن هلامي في مكان ما تسبب في ما هم فيه لكنهم غير قادرين على الظفر به ,
ثم ببساطة قامت الثورة , فوجد كل منهم ما يفرغ فيه طاقة الغضب التي اختزنها بتعاقب سنوات القهر .
ربما أمل كل منهم في وضع افضل , ربما ظنوا انهم سيعوضون خيرا كما ظن الجميع وهو مالم يحدث على كل حال .
تعدد الابطال وتباين ملامحهم سمح بوجود نماذج كثيرة قد تستميل القارئ وتقربه فيجد نفسه داخل الرواية دون ان يشعر ,
الرواية تبدأ من نهايتها بمشهد انتحار فتاة امام القطار - اجاد المؤلف رسمه ببراعة - بعد كتابة كلمة ما على الحائط ثم تبدأ الاحداث تتكشف تدريجيا حتى تتضح القصة والكلمة المكتوبة او لا تتضح حسب قدرتك على تجميع الخيوط ,
الرواية تقول بوضوح وبصوت عال
لم يتغير شئ .

بقى نقطتين اراهما شديدتي الاهمية ,
الاولى هي استخدام المؤلف للغة جديدة ظل يتحاشاها لسنوات عدة في
كتاباته ولكنها تقريبا ملائمة للجو والمكان والزمان والمستوى الثقافي للأبطال , لاتتوقع ان تسمع حوارا راقيا عميقا في منطقة اسمها " دحديرة الشناوي " .
النقطة الثانية
هي شخصية إبراهيم ابو غصيبة التي تنتهي الرواية دون ان تفهمها او تجد لها تفسير , لاتعرف ان كان يحيا بينهم كرجل معدم مريض لا يعترف بواقعه بينما هو يحلم بعالم رائع او ان كان يحيا كمليونير تراوده كوابيس عن حارة معدمة وامراض يعانيها وعيشة تقرف .
وتتأرجح الرواية بين الشخصيتين حتى تنتهي دون ان تعرف الحقيقة .
الرواية محاولة جيدة لالتقاط صورة حية لحقبة زمنية مهمة للغاية اضافت لأعمار من عاصرها اعمارا اخرى وتجارب يصعب تكرارها .
الرواية اعتبرها نقطة تحول في أدب د . أحمد خالد توفيق ومحاولة تلخيصها يضر بها بكل تأكيد , لذا انصح بقراءتها في اقرب فرصة .

دمتم في حفظ الله

.

.

.

أحمد حلمي

أسيوط

11 / 1 / 2013

0 التعليقات

مصباح وأريكة وبلد لا يدفن رأسه في الرمال



لا أعرف لماذا كنت أتمنى - في مرحلة ما - أن أصبح طبيبا نفسيا ربما استهواني علم النفس بشكل ما لكنني أعرف جيدا لماذا كنت أتمنى - في مرحلة أخرى - أن أصبح عازفا أو موزعا موسيقيا , رائعة عبد الوهاب " انت عمري " وفيلم " august rush " يجيبان جيدا عن التساؤل ,

حاول يحيى الفخراني مرارا ان يقنعني بمهنة المحاماة لكنه فشل - في اقناعي طبعا وليس في أدواره - رغم إجادته التامة لها , المهم أن هذه المساحة التي أقابلكم فيها اسبوعيا منذ ما يقرب من ثمانية شهور والتي تخليت عنها طواعية لمدة واحد وعشرون يوما تحقق لي بشكل ما توازنا بين الأمنيتين , طالما رأيت الطب النفسي نوعا آخر من الأدب ,فيما يخص الموسيقى فالأمر لايحتاج شرحا بقدر ما يحتاج لأمثلة توضيحية , لذا إليكم فقرة من العزف المنفرد ,

أتمنى أن تروق لكم .

هناك حقيقة كونية تقول أن للقراءة متعة لاتضاهيها متعة .

انا اضيف

سوى متعة الكتابة .



*******************************

الحرية الشعرية



حكى الشاعر عبد الرحمن الابنودي ذات مرة عندما سُئِلَ عن المعنى المستتر وراء احدى قصائده ,

فقال انه كتبها خلف القضبان , عندما كان يشاهد الغبار المتناثر على طول شعاع الشمس المتسلل من النافذة العالية في زنزانته الضيقة فتخيل انه ربما يتسلق يوما ما على هذا الغبار متسللا للخارج حيث الحرية ,

يا سلام

الحرية الشعرية

ربما لو كنا نعيش داخل قصيدة كهذه لكانت الحياة اجمل .

أو ربما نحن بحاجة لشعراء يتولوا مقاليد الأمور في الوقت الحالي .



***********************

طلبنا مصباحا فأحضروا أريكة



هذا كان رد الأسباني رفائيل بنيتز على فشله في تدريب أحد الفرق الاوربية يقصد طبعا انهم لم يلبوا له مطالبه في حين أنهم يظنوا انهم فعلوا ,
بعدها بسنوات استعان ديل بوسكي بنفس المقولة بعد فشله مع ريال مدريد : " طلبت مصباحا فأحضروا خمسة عشر أريكة ولم يحضروا مصباحا واحدا ولا حتى بيتا لوضع كل تلك الأرائك " , متابعي الفريق الملكي يفهمونني جيدا ,

وقبل أن تتسع العيون دهشة دعوني أوضح أن هذا هو ما حدث لنا تقريبا وهو ما يبرر حالة الإحتقان الموجودة حاليا مما انتهى بنا إلى محاولة شاب حرق نفسه أمام أحد شركات الكهرباء لفشله في الحصول على وظيفة ومحاولة شاب شنق نفسه أمام مبنى محافظة أسيوط لنفس السبب تقريبا , طلبنا مصباحا فأتوا لنا بالكثير من الأرائك , فعاودنا طلب المصباح فأتوا لنا بالمزيد من الأرائك ,

( يانظام غبي

افهم بقى مطلبي )

خبر حرق شاب لنفسه يعيد للأذهان الشرارة الأولى للثورات العربية ويخبرنا بأننا بحاجة للبدء من جديد أو ربما يستجلب الضحك لأن فكرة البدء من جديد أصبحت كوميدية للغاية , نعم كوميدية , التاريخ عندما يعيد نفسه يصبح في المرة الثانية كوميديا مثيرا للضحك المؤلم , هذا بالإضافة لأن هناك تفاصيل سترفض أن تعيد نفسها مما سيخل بالسيناريو .

فضلا عن حقيقة أنه ( نفسنا اتقطع ) ولم نعد قادرين على تطبيق نظرية ( هد بلا نيلة ) .

التصريح الصادر عن د . أحمد عكاشة عن تضاعف حالات الإكتئاب بين الصريين يعزى أيضا للجملة الآتية :

طلبنا مصباحا فأحضروا اريكة وطاولة ومزهرية وعريانا وعياطا وبديعا ,

( نقوم نولع في نفسنا ...

لا ياجماعة مش كده اكيد فيه حل )

******************************


متابعة مقالات الاستاذ حسن المستكاوي لفتت إنتباهي نحو إحتواء كرة القدم على عمق فلسفي لم يلحظه الكثيرون بالرغم من أن الرجل يكتب في صفحة الرياضة إلا أنك ستفهم مقصدي إذا علمت أن أحد مقالاته كان يحمل عنوان " النعامة لاتدفن رأسها في الرمال "

عنوان رياضي جدا كما ترى يشبه مقالي هذا الى حد كبير ,

ربما نحن نفعل ذلك لكن النعامة لاتفعل كما كنا نظن هناك نظرية تفسيرية تقول أن النعامة تخفي بيضها في الرمال عند الخطر فيظهر انها تخفي وجهها وهناك نظرية أخرى تقول أن النعامة تعاني من قصر النظر فتقترب بوجهها جدا من الأرض فيبدو لنا بالخطأ أيضا هذا المعتقد .



ربما أنا أيضا فعلت كذلك ولمدة كبيرة ,



ربما - أقول ربما - أيضا تبادلنا مواقعنا مرارا لكننا مازلنا نتبادل عملية دفن وجوهنا في الرمال وإن تباينت الدوافع ,

كنا ندفن وجوهنا في الرمال حتى مايقرب من عامين بدافع الخوف أو ربما تحت غطاء ( أنا مالي ) الشهير أو عملا بنظرية " مازلت قادرا على الظفر بقوت يومي ومأواه , إذا فليكن الغد " الأشهر , وبرغم من أننا كنا نسير بسرعة كبيرة على أرض شديدة الانحدار بقوة القصور الذاتي نحو الأسفل ودون مكابح إلا إننا كنا ندفن رؤوسنا في الرمال دون أدنى مواربة ,

وقتها كان النظام الحاكم يتظاهر بضعف النظر ويدفن وجهه في الرمال أيضا ولا يعبأ بالنهاية .

بينما كان هناك من يرى المشهد مجردا ويصيح بأعلى صوته على الجانبين : لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال , لا تبيعوا الغاز لإسرائيل , لاتتركوا غزة تضيع , لاتحنوا رؤوسكم فيطأها الغاشمون , هؤلاء تم دفن رؤوسهم في الرمال بالقوة وتعذيبهم حتى الموت وحشر لفافات بانجو في حلوقهم إن لزم الامر .



*****************************

في العام ١٩٧٨ فاجأ فريق إيه سي ميلان الايطالي العالم بخطة لعب جديدة ظن المتابعين وقتها أنها إعلانا لوفاة الكرة الهجومية ويعتبرها آخرون بداية لتأريخ عصر الدفاع الايطالي الحقيقي , ببساطة الخطة كانت تتجاهل وجود صانع الالعاب القادر على تحويل مسار اللعب في اي لحظة وتعتمد على تحرك الفريق كوحدة واحدة , وكان على اللاعبين الذين يجيدون صناعة اللعب أن يبحثوا عن أدوارا أخرى لهم بالملعب , وصرح المدرب وقتها أنه لا يمكنك أن تثق بلاعب متردد قد يحرز هدفا أو لا وأعتبر أن وجوده في الملعب نوعا من الرفاهية , المفاجأة اكتملت عندما فاز الميلان بدوري الابطال لهذا العام بهذه الخطة التي قيل أنها دفاعية .

*******************-*---*******
في روايته التي أختلف معها كثيرا وفي موضع لا أحب ذكره هنا قال سلمان رشدي
" منذ القدم والرجال يستخدمون الله لتبرير ما لا يمكن تبريره "

اظنها تلخص المعضلة وتهدم الجدار الذي نحاول دفعه منذ عامين بلا جدوى
المهم

منذ عامين بدا وكأنه قامت عندنا ثورة وبدا أيضا أنها قد تنجح وبدأ كل من كانت رأسه تحت الرمال بإخراجها وعلا صراخ الجميع وكأنهم اكتشفوا فجأة حقيقة أن لديهم حقوقا مهدرة .
وكل الأشياء التي كنا نراها مستحيلة الحدوث بدت أقرب مايكون للتحقق وارتفع سقف المطالب يوما بعد الآخر حتى وجدنا أنفسنا نتحرك كيد واحدة ودانت بعد أن كانت قاصية ,
وأغلب الظن أننا كنا بلا صانع ألعاب أيضا

عندها بدأ تبادل المواقع بشكل فج

وبدا ما كنا فيه تزيدا في استعمال نبرة التفاؤل التي آتت اكلها فيما بعد مضاعفا

هناك من دفن رأسه متظاهرا بأنه يخفي شيئا ما

هناك من دفن رأسه بعد أن أخفى شيئا ما

هناك من ظل يصرخ حتى بح صوته ثم أخفى رأسه حتى لا يرى ما يحدث ولم يحصل على شئ ما كان يظنه - بحسن نواياه - في المتناول

و هناك من لا زال يصرخ ولم يعبأ بكل الدافنين رؤوسهم من حوله وأقسم أن يسمع الموتى حتى يحصل على شئ ما .


مايحدث من حزب النور حاليا هي أعراض إخراج الرؤوس من تحت الرمال , بعد التظاهر بفعل شئ ما ذا أهمية وهي أعراض لا تقل عن أعراض الانسحاب .

هذا شئ يدعو الى التفاؤل ويشير إلى الحل بطرف خفي
ببساطة أخرجوا رؤوسكم ثانية من الرمال ,

احاديث تطبيق الشريعة وحلم الخلافة لم تعد تقنع طفلا صغيرا ,
وبدا واضحا بصورة لا تقبل الجدل أن إدارة الدول تختلف عن إدارة التوحيد والنور أو مجموعة الريان ولا يمكن التعامل معنا بإسلوب سيب فلوسك مع الحاج .
من خرجوا منذ عامين لم يكن غرضهم تطبيق اي شريعة , الشريعة لاتطبق بمواد دستورية على حد علمي , الهتاف المتفق عليه وقتها أظنه كان ) عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية (
أظنها مطالب تسبق كل الشرائع , واظن أن هذا الهتاف بدأت تسوء سمعته حتى قارب من هتاف ) بالروح بالدم نفديك يا مش عرف ايه (

لن تقوم لنا قائمة حتى تصيح كل حبيبات الرمال في وجوهنا المدفونة أن أفيقوا يرحمكم الله .

*****************************************

الاربعاء الماضي صرح المدير الفني لفريق ميلان الايطالي قبل مواجهة برشلونة أنه مدرك لحقيقة إفتقار فريقه للأسلحة لكنه وفي الوقت ذاته لن يكون ضحية سهلة وأضاف منهيا الحوار
" نحن الميلان "

الحقيقة أن تصريحاته لم تثر إلا ابتسامات السخرية بين الصحفيين فالكل يعلم حجم المواجهة , لكن المفارقة أن الميلان لعب بدون صانع ألعاب واعتمد على تحرك الفريق كوحدة واحدة وقدم مباراة دفاعية رائعة وجعل استحواذ أحسن فرق العالم بلا فائدة وجعل هجومهم بلا أنياب وفاز بهدفين لا أعرف كيف ,
و بغض النظر أنه قد يعيد شيئا ما للأذهان إلا أنه كشف لي عن فلسفة كرة القدم وقال لي بوضوح أنه لا مستحيل الا في عقولنا .

نحن من بنينا الهرم وقادرين على هدم المقطم ذاته إن لزم الامر وإن كنت لا أفضل ذلك .

هل كشف المقال عن أمنية ثالثة لم تتحقق

لا اعرف
لكني أذكركم ونفسي بحديث رسولنا الكريم
" تفاءلوا بالخير تجدوه "

ولكن أرفعوا رؤوسكم أولا

دمتم في حفظ الله

.

.

.


أحمد حلمي

البحيرة

22/2/2013 

0 التعليقات

في ذكرى المذبحة

صاحبي اللي كتفه ف كتفي بيخليني مطمن 
عارفه هايفضل جنبي مهما لقاني بتجنن 
ومش من دمي 
ولا اخويا ولا عمي 
لكنه اختار يكون جنبي 
هذا ان ظللت بجواره على قيد الحياة 
اما ان قتلت 
فماذا سيفعل 
هذا ما لم تذكره الاغنية لحسن الحظ 
لكنه معروف للجميع 
سبعة عشر ثانية من أشهر إعلان تلفزيوني في السنة المنقضية ربما لم يلحظ الكثيرون دلالتهم لكنهم - وفوق ذلك - يقولون لي بصوت عال جدا ربما تتصالح يوم ما مع كل ذكرياتك الأليمة عدا هذه فلا تحاول . 

هذا ما يتردد في ذهني كلما رأيت المقطع الخاص بالألتراس في إعلان احدى شبكات المحمول الذي تحول لنشيد وطني دونما سابق إنذار , لكن وجود ذلك المقطع وسط مجموعة من الفقرات التي تمثل تباين التراث المصري وتنوعه بحسب تغير البيئة المحيطة يقول ايضا بوضوح لقد اصبحوا كيانا فاعلا في وجدان الوطن , لقد صاروا تراثا وليسوا مجموعة من مجانين كرة القدم فحسب ,

لكن هذا حدث بالطريقة الصعبة للأسف . 

لماذا أبدأ بالخواتيم , 

دعوني أحكي من البداية 



****************** 



( قلناها زمان للمستبد .... 

الحرية جاية لابد ) 



هناك مشهد شهير من افلام اسماعيل يس عندما رآه الشاويش عطية فتمتم قائلا : ( هو بعينه بغباوته ) 

لقد عرفه بعين الخبير وتوقع المصيبة القادمة , 

هذا تقريبا ما حدث , 

عندما ظهر ذلك التجمع لأول مرة في مدرجات الإستاد ولفت الانظار بمدى تنظيمه واتحاده لم يلتقط الرسالة سوى الشاويش عطية ! 

رآهم الكثيرين مجرد مهاويس تشجييع وكانوا مثار إعجاب يُنسى غالبا بانتهاء المباراة , لكن العادلي عرف جلاده بمجرد أن رآه , 

وصلته رسالة مبكرة جدا تقول هؤلاء تجمع لايمكن ردعه , 

بدأت المضايقات , 

ممنوع دخول اي فرد يرتدي تي شيرت يحمل اي عبارات , 

ممنوع دخول الاعلام 

ممنوع دخول ادوات التشجيع 

ممنوع دخول لافتات 

تفتيش ذاتي 

مش عاجبك 

خدوه 

اعتقال 

هذا ما حدث في اغلب المباريات على مدار ثلاثة اعوام قبل الثورة وهو ما خلق حالة من العداء الغير ذي معنى بين الداخلية ومجموعة من المشجعين الشباب الذين تنحصر اهتماماتهم في كرة القدم وفقط . 



**************************** 

( ياحكومة بكرة هاتعرفي .. 

بإيدين الشعب هاتنضفي .. 

والآية الليلة مقلوبة ) 



خبر في احد المواقع الرياضية نشر في نوفمبر الماضي الخبر يقول 

الاتحاد الافريقي لكرة القدم يغرم النادي الاهلي خمسة آلاف دولار إثر استخدام الأخير لافتات سياسية في المدرجات خلال احدى المباريات الافريقية . 

خبر عادي جدا ينتمي لفئة عض الكلب رجلا , ولا يثير اي دهشة , لكن الدهشة تبدأ عندما تعرف ان اللافتات المذكورة كانت تحتوي على صور لمشجعين الفريق الذين سقطوا قتلى في احدى مباريات الكرة قبل عام من الأن . 

اين السياسة من الموضوع ؟! 

دعنا نكمل لنفهم دلالة الخبر ,


في مقاله بالأهرام المنشور بتاريخ 20 نوفمبر 2009 تساءل أشرف عبد المنعم - بعد مظاهرات الغضب التي إجتاحت الشوارع تعبيرا عن استيائهم من أحداث مباراة مصر والجزائر التي جرت احداثها في السودان - عن كل هذه الطاقات البشرية المهدرة في تشجيع كرة القدم وضرورة توجيهها توجيها صحيحا , 

وهو ما حدث في الغالب , 

فكان من المتوقع لأي دعوة لإفساد عيد الشرطة أن تلقى ترحيبا وإقبالا من هؤلاء الشباب وهو ما كان يخشاه النظام منذ القدم , 

لدينا إذا تجمع من عشرة آلاف شاب تتراوح اعمارهم مابين 20 و 30 عام يتحركون كيد واحدة , هذا ليس بيوم جيد للداخلية على الإطلاق , 

وهكذا نسى الألتراس اهتماماته الكروية وشرعوا في توجيه تلك الطاقات البشرية لاتجاهات اخرى فكان لهم تواجد فعال في جمعة الغضب , موقعة الجمل , محمد محمود , مجلس الوزراء .فتحولوا في اقل من عام الى صداع سياسي لاتصلح معه المسكنات . 



******************************* 



( قالوا الشغب في دمنا 

وإزاي بنطلب حقنا 

يانظام غبي 

إفهم بقى مطلبي 

حرية ... حرية ) 



ككل الشباب المشارك في أحداث الثورة بدأت الاتهامات توجه لهؤلاء الشباب بالبلطجة والعمالة وتنفيذ اجندات وتلقي تمويل والسعي للتخريب واشاعة الفوضى , لكن الموقعة الفاصلة كانت في أحد أيام شهر سبتمبر 2011 عندما تسببت الهتافات المعادية للداخلية في طرد مدرج الدرجة الثالثة من الملعب بعد مباراة الاهلي وكيما اسوان وهو ما انتهى الى تحطيم سيارات الأمن المركزي والإعتداء على كتيبة كاملة وإلحاق أضرار وإصابات بالغة بالجنود والمدرعات , 

هنا تحول الامر لثأر , 

طبعا المحكمة قضت ببراءة المقبوض عليهم لعدم كفاية الادلة , لكن النار تحت الرماد تعاظمت . 



****************** 

( قال النظام ايه العمل 

كده النهاية بتكتمل 

افهم بقى 

ارحل بقى 

سقط الطاغوت ) 



ما حدث في بورسعيد قبل عام من الآن هو غالبا تلاقي إرادات من عدة جهات اجمعت كلها على ضرورة الانتقام , الداخلية وربما الجيش ايضا لا يحملون اي ود لهذا الفصيل , جمهور غاضب من شئ ما تافه لا تعرف كنهه ولا كيف بدأ , اطراف أخرى يسعدها اشاعة الفوضى , 

هناك انباء تتحدث عن ان الادلة الجديدة التي تقدم بها النائب العام في قضية مقتل المشجعين تتضمن استدعاء الضباط المشاركين في تأمين مباراة كيما اسوان التي تم فيها الاعتداء على الامن لتأمين مبارة الاهلي والمصري باستاد بورسعيد , وهو مايؤكد ان النية كانت مبيتة للأخذ بالثأر وغض الطرف عما سيحدث بعد المباراة , 

( مش بتقولوا انكم حميتوا الميدان .. 

احموا نفسكم بقى ) 

هذا جملة من وسط الموقعة بالمناسبة . 

كانت المرة الاولى التي أرى فيها تقرير الطب الشرعي يشير الى الوفاة نتيجة إعاقة ميكانيكية للتنفس وهو شئ عسير التصديق ولن تحب ان تعرف تفسيره ايضا . 

*************************** 

( م الموت خلاص مابقيتش اخاف 

وسط ارهابك قلبي شاف 

الشمس هاتطلع من جديد 

اسرق امان 

خرب بيوت 

دا كان زمان وقت السكوت 

الحلم خلاص مش بعيد ) 



الهتاف المتعلق بالموت بالمناسبة يعلق بالتكرار لا اراديا بالعقل الباطن ولا يزول اثره بسهولة ويصبح مسؤلا عن سلوكيات قد توصف بعد ذلك بالهوجاء , لكننا نتحدث عن شباب يتحرك بطريقة المجاميع ويفكر بيديه اولا ويكتب على الحوائط ( احنا ما بنخلصش ) بعدما فطنوا لمحاولات تشتيتهم المنظمة , وتحول الهتاف الشهير ( يانجيب حقهم يانموت زيهم ) الى ( هانجيب حقهم ) دون النظر للكيفية بعدما كاد يتحول الى ( هانموت زيهم ) دون النظر للقصاص . 

مر عام على اكثر ذكرياتي الاليمة تخلله مسيرات مهيبة زلزلت قلب العاصمة , اعتصامات غفيرة العدد امام المحكمة اثناء الجلسات , منع بعض مقدمي التفاهات لمحاولة تضليل الرأي العام وقلب الحقائق عندما تعلق الامر بهم , واخيرا تعطيل النشاط الرياضي حتى يأتي القصاص , الالتراس تعلم الدرس واستفاق بالطريقة الصعبة , لكنه كذلك تعامل مع مصيبته بطريقة تستحق الدراسة , وتؤكد انه ما ضاع حق وراءه مطالب وتجعلنا نعيد النظر في تعاملنا مع قضايا كثيرة تستحق الاهتمام . 

دمتم في حفظ الله 











أحمد حلمي 



البحيرة 



1 / 2 / 2013